للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٨٤ - ابن عساكر (١): أخبرنا أبو العباس أحمد بن الفضل بن أحمد أخبرنا أبو بكر أحمد بن الفضل بن محمد الباطرقاني حدثنا أبو بكر محمد بن علي بن أحمد الخطيب حدثنا أبو جعفر محمد بن الحسن البزاز بباب الطاق حدثنا محمد بن المعافى الصيداوي بصور حدثنا أبو يحيى زكريا بن يحيى الوقار قال: قرئ على عبد الله بن وهب وأنا أسمع: قال الثوري: قال مجالد: قال أبو الوَدَّاك: قال أبو سعيد الخدري: قال عمر بن الخطاب: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (قال أخي موسى: يا ربِّ أرني الَّذي كنتَ أريتني في السفينة. فأتاه الخضر وهو فتى طيب الريح حسن بياض الثياب مشمرها، فقال: السلام عليك ورحمة الله يا موسى بن عمران، إن ربك يقرأ عليك السلام. قال موسى: هو السلام وإليه السلام والحمد لله رب العالمين الَّذي لا أحصي نعمه ولا أقدر على أداء شكره إلا بمعونته. ثم قال موسى: أريد أن توصيني بوصية ينفعني الله بها بعدك. قال الخضر: يا طالب العلم إنّ القائل أقل ملالة من المستمع فلا تُمِلّ جلساءك إذا حادثتهم، واعلم أن قلبك وعاء فانظر ماذا تحشو به وعاءك، واعزف عن الدنيا وانبذها وراءك فإنها ليست لك بدار ولا لك فيها محل قرار، وإنما جُعلت بلغةً للعباد والتزود منها (٢) للمعاد، ورض نفسك على الصبر تخلص من الإثم. يا موسى تفرغ للعلم إن كنتَ تريده فإنما العلم لمن تفرغ له، ولا تكن مكثارًا بالمنطق [مهذارًا] (٣) فإن كثرة المنطق تشين العلماء وتبدي مساوئ السخفاء، ولكن عليك بالاقتصاد فإن ذاك من التوفيق والسداد، وأعرض عن الجهّال وباطلهم، واحلم عن السفهاء فإن ذلك فِعلُ الحكماء وزين العلماء.

⦗٨٢⦘

إذا شتمك الجاهل فاسكت عنه حلمًا وجانبه حزمًا، فإنّ ما بقي مِن جهله عليك وسبِّه إياك أكثر وأعظم. يا ابن عمران ولا ترى أنك أوتيت من العلم إلا قليلًا فإن الاندلاث (٤) والتعسّف من الاقتحام والتكلف. يا ابن عمران لا تفتحنّ بابًا لا تدري ما غلقه، ولا تغلقنّ بابًا لا تدري ما فتحه، يا ابن عمران من لا تنتهي من الدنيا نهمته ولا تنقضي منها رغبته كيف يكون عابدًا؛ ومن يحقر حاله ويتهم اللهَ فيما قضى له كيف يكون زاهدًا؟ (هل يكفُّ) (٥) عن الشهوات من غلب عليه هواه؟ أو ينفعه طلب العلم والجهلُ قد حواه؟ لأنّ سعيه إلى آخرته وهو مقبل على دنياه. يا موسى تعلَّم ما تعلمتَ لتعمل به ولا تعلَّمهُ لتحدِّث به فيكون عليك بواره ولِغيرك نوره. يا موسى بن عمران اجعل الزهدَ والتقوى لباسَك، والعلمَ والذكر كلامَك، واستكثر من الحسنات فإنك مصيب السيئات، وزعزع بالخوف (قلبك) (٦) فإن ذلك يرضي ربك، واعمل خيرًا فإنك لا بدَّ عامل سوءًا. قد وُعظت إن حَفظت). قال: (فتولى الخضر وبقي موسى حزينًا مكروبًا يبكي) (٧).

⦗٨٣⦘

قلتُ: زكريا الوقار قال ابن عدي: يضع الحديث (٨)، وقال صالح جزرة: كان من الكذّابين الكبار (٩)، وقال ابن حبان: أخطأ في هذا الحديث (١٠)، وقال العقيلي: حدّث عن ابن وهب حديثًا باطلًا (١١).


(١) تاريخ دمشق (١٦/ ٤١٤ - ٤١٥) ترجمة الخضر عليه السلام.
(٢) في (ح) و (ف): (فيها).
(٣) في جميع النسخ والتاريخ: (مهدارًا)، والمثبت من تنزيه الشريعة. والمِهذار - بالذال المعجمة - كثير الهذر من الكلام، وهو سقط الكلام أو الكلام الَّذي لا يُعبأ به. تاج العروس (١٤/ ٤١٨ - ٤١٩).
(٤) الاندلاث: هو التقدُّم بلا فِكرة ولا رويّة. تاج العروس (٥/ ٢٥٠).
(٥) كذا في الأصل، وفي باقي النسخ: (يكف)، وفي التنزيه: (أيكفُّ).
(٦) ما بين قوسين من الأصل، وسقط من باقي النسخ.
(٧) رواه الطبراني في المعجم الأوسط (٧/ ٧٨ - ٨٠) ح ٦٩٠٨ - ومن طريقه الخطيب في الجامع (١/ ١٣٩ - ١٤١) رقم ٤٥ - عن محمد بن المعاني به.
ورواه ابن أبي حاتم في العلل (٢/ ١١٣) رقم ١٨٣٤ عن أبيه عن زكريا بن يحيى الوقار به.
ورواه ابن عدي في الكامل (٣/ ١٠٧٢) عن الحسن بن سفيان ومحمد بن هارون بن حسان وأحمد بن الممتنع ثلاثتهم عن أبي يحيى الوقار به.
ثم رواه ابن عدي من طريق الحارث بن مسكين وأبي الطاهر عن ابن وهب عن الثوري عن مجالد الحديث إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - به.
وقال ابن أبي حاتم: (قال أبي: هذا حديث باطل كذب. قلتُ: وذكرتُ هذا الحديث لابن الجنيد الحافظ فقال: هو موضوع) علل الحديث (٢/ ١١٣).
وذكره ابن عراق في تنزيه الشريعة (١/ ٢٤٣ - ٢٤٤) رقم ١.
(٨) الكامل (٣/ ١٠٧١).
(٩) المصدر نفسه.
(١٠) الثقات (٨/ ٢٥٣).
(١١) لسان الميزان (٣/ ٥٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>