للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

هذا شهير في أكثر الدواوين. وأما قول ابن كنانة بجواز استعمال البوق في العرس فلا يظن أحد خفاه على ابن رشد مع جلالة قدره حفظا واطلاعا.

من المناكر الزيادة في الوزن أو الكيل والتطفيف

ومن ذلك الزيادة في الوزن أو الكيل والتطفيف بها والنقص من معتادها فيعطي البياع الذي يفعل ذلك بالناقص ويأخذ بالزائد. قال في تنبيه الحكام الذي يجب في مثل هذا أولا تفقد المكاييل والموزين وقعبتها الذرع حتى تكون موحدة متفقة القدر في جميع المصر ونواحيه المعهودة به لا يتفاوت منها شيء عن شيء وينبغي تعهدها أبدا من الزيادة والنقصان والاشتداد على من علمت خيانته في شيء من ذلك وتنكيله بالعقوبة التي يستحق مثله. وتقدم الأمناء عليه في تفقد ذلك من ينصح لله تع.

قلت ظاهر ما ذكر من إقامة العقوبة لمن فعل التطفيف بالزيادة والنقص على الإطلاق سواء كان ذلك معتادا منه أو لم يكن إلا مرة واحدة وليس في سماع ابن القاسم ولا إخراجه من السوق خاصة. وأما إن كان معتادا للغش بذلك فإنه يزاد على الإخراج الأدب في قول مطرف وابن الماجشون في واضحة ابن حبيب.

قال في السماع المذكور وسألني صاحب السوق عن الذي جعل بسوق المسلمين في مكياله زفتا فأمرته أن يخرجه منه ولا يتركه فيه وذلك أشد عليه من الضرب. قال ابن رشد رحه قوله وذلك أشد عليه من الضرب يريد أن ذلك أردع له لأن أهل الفجور والغش قل ما ينهاهم الضرب.

وظاهر قوله أنه يخرج من السوق أدبا له وإن لم يكن معتادا لغش خلاف ما حكى ابن حبيب عن مطرف وابن الماجشون أن من غش في أسواق المسلمين يعاقب بالسجن وبالضرب وبالإخراج من السوق إن كان معتادا للغش يريد الذي قد أدب عليه فلو لم يردعه الأدب عنه وعاد يخرج من السوق ولا يرجع إليه حتى تظهر ثوبته وتعرف صحيح إذا لم يخرج عن السوق أدبا له وإنما أخرج لقطع ضرره عن الناس إذ قد أدب فلم ينفع فيه الأدب.

فأما إذا أخرج عنه أدبا له من غير أن يكون معتادا للغش على ظاهر قول مالك هذا لا يمتنع أن يرد إليه بعد مدة يرى أنه قد تأدب بها وإن لم تظهر منه توبة.

<<  <   >  >>