للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

إجارة المسلم نفسه من كافر

قال الشيخ أبو محمد عبد الحق الغروي: إجارة المسلم نفسه من نصراني على ثلاثة أوجه فإن استأجر نفسه في مثل رعاية الخنازير وحمل الخمر وشبه ذلك فهذا تفسخ إجارته متى عثر عليها وإن فات ذلك وقبض الأجرة تصدق به عليه فهذا وجه والوجه الثاني أن يستأجر نفسه يمتهنه النصراني فيه ويكون تحت يده من خدمة ونحوها فهذا يفسخ ما عثر عليه فإن فات ذلك لم يتصدق عليه بالأجرة وساغت له قال الشيخ أبو محمد صالح كالزمال والثالث إذا استأجره في شيء لا يكون فيه تحت يده وامتهانه مثل حراسة وقراض يأخذه منه يعمل به فهذا إن نزل مضى بالثمن وساغت له الأجرة.

قال ابن رشد رحه إجارة المسلم نفسه من النصراني أو اليهودي على أربعة أقسام جائزة ومكروهة ومحظورة وحرام فالجائزة أن يعمل له عملا في بيت نفسه أو حانوته كالصانع يعمل للناس فلا بأس أن يعمل له كما يعمل للناس من غير أن يستبد بعمله والمكروهة أن يستبد بجميع عمله من غير أن يكون تحت يده مقارضا أو مساقيا. والمحظور أن يؤاجر نفسه منه في عمل يكون فيه تحت يده كأجير الخدمة في بيته وإجارة المرأة نفسها منه أن ترضع له ابنه في بيته وما أِشبه ذلك فهذه تفسخ وإن عثر عليها فإن فاتت مضت وكانت له الأجرة والحرام أن يؤاجر نفسه منه لما لا يحل من عمل الخمر أو رعي الخنازير وما أشبه ذلك فهذه تفسخ إن عثر عليها قبل العمل وإن فاتت بالعمل تصدق بالأجرة على المساكين.

قلت فزاد ابن رشد المباح قسما رابعا على أقسام عبد الحق مثل خياطة الخياط له ثوبا في حانوته وكاتب الوثيقة له وثيقة بدكته كل ذلك وأشباهه من نوع ما لا يظهر في استعمال المسلم نفسه في عمل الكافر إذلال ولا قوة لحل إذ علة الكراهة في هذا الباب استعلاء يد الكافر على المسلم وعلة المنع الاستعلاء مضافا إلى الاستعمال في المحرمات كعصر الخمر ورعي الخنازير والنبي صلعم يقول: الإسلام يعلو ولا يعلى عليه.

وسمى ابن رشد رحه الوجه الأول من تقسيم عبد الحق حراما وأنه لكذلك وسمى الوجه الثاني عنده محظورا وفي نسخة فاسدا وسمى الوجه الثالث مكروها.

<<  <   >  >>