للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

حكم بيع الذمي خمرا من مسلم

تنبيه: ما تقدم من تأديب الذمي على بيع الخمر من المسلم والتصدق بالثمن على المساكين أدبا له مثله في بيع المسلم إياها من مسلم أو كافر والمسلم في ذلك أشد نكالا لأنه أقوى جرأة ثم النظر فيما يرجع لفروع المسألة بالنسبة إلى القيام والفوات في المثمون والثمن كان الابتياع من المسلم أو من الكافر قد حققه الشيوخ على طريق تقاسيمه وتفاصيله كشيخ المحققين أبي الوليد بن رشد وذويه فقالوا إذا باع النصراني أو اليهودي خمرا من مسلم فذلك على ثلاثة أوجه إما أن تكون الخمر قائمة بيد البائع أو قائمة بيد المبتاع أو أفاتها.

أما إن كانت قائمة بيد البائع الكافر فإنها تكسر على البائع ويفسخ البيع ويسقط الثمن عن المبتاع إن كان لم يدفعه إلى البائع وإن كان قد دفعه إليه فقيل إنه يرد إلى المبتاع وهو قول ابن حبيب وقيل إنه لا يريد إليه ويتصدق به عليه أدبا له وهو الذي يأتي على ما في المدونة.

وأما إن كانت قائمة بيد المبتاع فقيل إنها تكسر على البائع ويرد الثمن إلى المبتاع إن قد دفعه ويسقط عنه إن كان لم يدفعه. وروى ذلك عن مالك إسماعيل ابن أبي أويس وغيره وقيل إنها تكسر على المبتاع ويتصدق بالثمن إن لم يقبضه البائع أدبا له وإن قبضه ترك له عند ابن القاسم وعند سحنون يتصدق به قبضه أو لم يقبضه أدبا له وقيل إنها تكسر على البائع ويفسخ البيع ويسقط الثمن على المبتاع إن كان لم ينقده وإن كان قدنقده كسرت على المبتاع ومضى الثمن للبائع ولم يؤخذ منه وهو قول ابن حبيب.

وأما إن لم يعثر على ذلك حتى قبض المسلم الخمر وفاتت بيده فإنه يؤخذ منه الثمن ويتصدق به على المساكين إن لم يدفعه إلى الكافر أدبا له وإن كان قد دفعه إليه ترك له ولم يؤخذ منه عند ابن القاسم وابن حبيب وعند سحنون يتصدق به على كل حال أدبا له وإذا باع المسلم خمرا من مسلم أو من كافر فعثر عليه والخمر بيد البائع كسرت عليه وأنقض البيع وسقط الثمن عن المشتري إن كان لم يدفعه وإن كان قد دفعه رد إليه في قول وتصدق به في قول وإن لم يعثر على ذلك حتى قبضه المبتاع فقيل إنها تكسر على البائع ويكون الحكم في الثمن على ما تقدم من الاختلاف وقيل إنها تكسر على المبتاع ويمضي البيع ويتصدق بالثمن قبض أو لم يقبض إذ لا يحل للبائع ولا يصح تركه للمشتري.

<<  <   >  >>