للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الفرق بين والي الحسبة وبين غيره ممن يتطوع بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من تسعة أوجه

الأول- أن قرضه بحكم الولاية صار متعينا في رقبته باختصاصه وبقي من سواه على حكم وجوب الأمر العام. الثاني- أن قيام المحتسب بالولاية صار من الحقوق التي لا يسوغ أن يشتغل عنها بغيرها وقيام المتطوع بها يجوز أن يشتغل عنها بغيرها. الثالث- أنه منصوب للاستعداد فيما يجب إنكاره وليس المتطوع منصوبا للاستعداد. الرابع- أن على المحتسب بالولاية إجابة من استعداه وليس على المتطوع إجابته. الخامس- أن عليه أن يبحث على المنكرات الظاهرة ليصل إلى إنكارها ويفحص عما ترك من المعروف الظاهر ليأمر بإقامته وليس على غيره من المتطوعة بحث ولا فحص. السادس- أن له أن يتخذ على الإنكار أعوانا لأنه عمل هو له منصوب وإليه مندوب ليكون له أقهر وعليه أقدر وليس للمتطوع أن يندب لذلك عونا. السابع- أن له أن يعذر في المنكرات الظاهرة وليس للمتطوع أن يعذر على المنكر. الثامن- أن يرتزق على حسبته من بيت المال ولا يجوز لمتطوع أن يرتزق على إنكار منكر. التاسع- أن له اجتهاد رأيه فيما تعلق به العرف دون الشرع كمثل ما في الأفنية. والطرق وليس هذا للمتطوع فيكون الفرق بين والي الحسبة وإن كانت أمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر وبين غيره من المتطوعة وإن جاز أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر من هذه الوجوه التسعة.

فولاية الحسبة هذه واسطة بين أحكام القضاء وأحكام المظالم فأما ما بينها وبين القضاء فهي موافقة لأحكام القضاء من وجهين ومقصرة عنه من وجهين فأما الوجهان في موافقتها لأحكام القضاء فأحدهما جواز الاستعداء إليه وسماعه دعوى المستعدى عليه في حقوق الآدميين.

وليس هذا على عموم الدعاوي وإنما يختص بثلاثة أنواع من الدعاوي. أحدها أن يكون فيما تعلق بجنس أو تطفيف في كيل ووزن. والثاني- فيما تعلق بغش أو تدليس في مبيع أو ثمن. والثالث- ما تعلق بمطل وتأخير لدين مستحق مع القدرة على أدائه وإنما جاز نظره في هذه الأنواع الثلاثة من الدعاوي دون ما عداها من سائر الدعاوي لتعلقها بمنكر ظاهر هو منصوب لإزالته واختصاصها بمعروف بين هو مندوب إلى إقامته لأن موضع الحسبة إلزام الحقوق والمعونة على استيفائها وليس للنظر فيها أن يتجاوز في الحكم الناجز والفصل البات. فهو أحد وجهي الموافقة.

<<  <   >  >>