ثانيا: خفاء سنة الاستئذان على عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- فعن أبي سعيد الخدري قال: «كنت في مجلس من مجالس الأنصار، إذ جاء أبو موسى كأنه مذعور، فقال: استأذنت على عمر ثلاثا فلم يؤذن لي فرجعت، فقال: ما منعك؟ قلت: استأذنت ثلاثا فلم يؤذن لي فرجعت، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " إذا استأذن أحدكم ثلاثا فلم يؤذن له فليرجع "، فقال: والله لتقيمن عليه ببينة، أمنكم أحد سمعه من النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال أبي بن كعب: والله لا يقوم معك إلا أصغر القوم، فكنت أصغر القوم فقمت معه فأخبرت عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك» ، (١) فهذه سنة قد خفيت على عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - مع سعة علمه وفقهه في دين الله - تعالى - وليس في هذا مذمة لعمر - رضي الله عنه - فإن الله - تعالى - يقول:{وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ}[يوسف:٧٦] ، فمهما بلغ الإنسان من العلم فلا شك أنه لن ينتهي، ولهذا قالوا:"العلم إن أعطيته كلك أعطاك بعضه، وإن أعطيته بعضك فاتك كله".
(١) صحيح البخاري كتاب الاستئذان، باب التسليم واستئذان ثلاثا، وانظر الفتح ١١ / ٢٦ برقم ٦٢٤٥، وصحيح مسلم كتاب الآداب، باب الاستئذان، انظر شرح النووي ٧ / ٣٨١ برقم ٢١٥٤.