ومن الحكمة البدء بالأهم فالأهم، وبهما يكون قبوله أتم، وبالرفق واللين، فإن انقاد بالحكمة وإلا انتقل معه إلى الدعوة بالموعظة الحسنة، وهو الأمر والنهي المقرون بالترغيب والترهيب، إما بما تشتمل عليه الأوامر من المصالح وتعدادها، والنواهي من المضار وتعدادها، وإما بذكر إكرام من قام بدين الله، وإهانة من لم يقم به، وما أعد الله للطائعين من الثواب العاجل والآجل، وما أعد للعاصين من العقاب العاجل والآجل، فإن كان المدعو يرى أن ما هو عليه حق، أو كان داعية إلى الباطل، فيجادل بالتي هي أحسن، وهي الطريق التي تكون أدعى لاستجابته عقلًا ونقلًا، ومن ذلك الاحتجاج عليه بالأدلة التي كان يعتقدها، فإنه أقرب إلى حصول المقصود، بشرط أن لا تؤدي المجادلة إلى خصام أو مشاتمة تذهب بمقصودها، ولا تحصل الفائدة المرجوة منها، وليكن قصد الداعية هداية الخلق إلى الحق، لا المغالبة ونحوها (١) .
(١) انظر أضواء البيان جـ ص ١٧٤ - ١٧٥، وانظر تفسير ابن كثير جـ٥ ص ١٠٢ وتفسير ابن سعدي جـ ٤ ص ١٢٤ - ١٢٥.