وذكر أبو عمر بن عبد البر في كتاب "التمهيد ": أن الله سبحانه أوحى إلى نبي من أنبيائه: أن قل لفلان الزاهد: أما زهدك في الدنيا فقد تعجلت به الراحة، وأما انقطاعك إليَّ فقد اكتسبت به العزّ، ولكن ماذا عملت فيما لي عليك؟ فقال: يا رب، وأي شيء لك عَلَيّ؟ قال: هل واليت فيَّ وليًّا، أو عاديت فيَّ عدوًّا (١) .
وخرّج ابن أبي الدنيا في كتاب "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر " عن إبراهيم بن عمرٍو الصنعاني قال: أوحى الله إلى يوشع بن نون: إني مهلك من قومك أربعين ألفًا من خيارهم، وستين ألفًا من شرارهم. قال: يا رب، هؤلاء الأشرار، فما بال الأخيار؟! قال: إنهم لم يغضبوا لغضبي، وكانوا يواكلونهم ويشاربونهم.
وقال مالك بن دينار أوحى الله إلى ملك من الملائكة أن أقلب مدينة كذا وكذا على أهلها. قال: يا رب، إن فيهم عبدك فلانًا ولم يعصك طرفة عين! فقال: اقلبها عليه وعليهم؛ فإن وجهه لم يتمعّر فيَّ ساعة قط.
وفي هذا دليل على أن من لا يستطيع الإنكار باللسان وأمكنه إظهار الإنكار بالتعبيس وتقطيب الوجه وجب عليه ذلك.