وقبل أن نتكلم عن كيفية رفع الدعوى ينبغي أن نشير إلى أن مجلس القضاء ـ وهو المحكمة ـ ينبغي أن يكون مكان جد وسكينة ووقار ولا مجال فيه للعبث والتطاول وسوء الأدب من قبل الحاضرين سواء كانوا من خصوم الدعوى، أو الشهود أو غيرهم. وإذا جلس القاضي في مجلسه للقضاء فيجب أن يكون في حالة نفسية هادئة راضية حتى يكون مستعدا تمام الاستعداد لسماع الدعاوى وما يقدمه الخصوم من بينات ودفوع، وبهذا جاء الحديث الشريف الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم:«لا يحكم أحد بين اثنين وهو غضبان» فنص صلى الله عليه وسلم على الغضب ونبه على ما في معناه، ولهذا قال الفقهاء ينبغي أن يكون القاضي خاليا من الجوع الشديد والعطش والفرح الشديد والحزن الكثير والهم العظيم والوجع المؤلم ومدافعة الأخبثين أو أحدهما، والنعاس، لأن هذه الأشياء ونحوها مثل الغضب من جهة تأثيرها في حالة القاضي النفسية وحضور ذهنه لمقتضيات الدعوى واستعداده المطلوب لسماع أقوال الخصمين. وينبغي أن يكون القاضي في مجلس القضاء غاض البصر كثير الصمت قليل الكلام، يقتصر كلامه على سؤال أو جوابه ولا يرفع بكلامه صوتا إلا لزجر أو تأديب، وأن يلزم العبوس، من غير غضب،