للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

خَدَمتِهِ، وَلَقَد برّ فِي هَذَا الْمِثَال وحقق، وليتأمل قَول النَّاس فِي أمثالهم: الْوَلَد الْعَاق لَا يحرم الْمِيرَاث، نعم الْكفْر إنْ فرض وُقُوعه لأحد من أهل الْبَيْت وَالْعِيَاذ بِاللَّه، هُوَ الَّذِي يقطع النِسْبة بَين مَنْ وَقع مِنْهُ وَبَين شرفه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَإِنَّمَا قلتُ إنْ فُرِض لأنني أكاد أَن أَجْزم أنَّ حَقِيقَة الكُفْر لَا تقع مِمَّن عُلِم اتِّصَال نسبه الصَّحِيح بِتِلْكَ الْبضْعَة الْكَرِيمَة حاشاهم الله من ذَلِك، وَقد أحَال بَعضهم وُقُوع نَحْو الزِّنَا أَو اللواط مِمَّن عُلِم شرفُهُ فَمَا ظَنك بالْكفْر، هَذَا كُله فِيمَن عُلِم شرفُهُ كَمَا تقرر، وأمَّا مَنْ يُشك فِي شرفه فإنْ ثَبت نسبه بِوَجْه شَرْعِي وَجب على كل أحد تَعْظِيمه بِمَا فِيهِ من الشّرف وَالْإِنْكَار على مَا فِيهِ من الْخلال الَّتِي تُنْكر شرعا، لما تقرَّر أَنه لَا يلْزم من الشّرف عدم الْفسق، وإنْ لم يثبتْ نسبُه شَرْعاً، وادَّعَاه وَلم يعلم كَذِبُه تعيَّن التَّوَقُّف عَن تَكْذِيبه، لِأَن النَّاس مأمونون على أنسابهم فليسلَّم لَهُ حَاله، وَلَا يَنْبَغِي للْإنْسَان أَن يتحسَّى سُماً وَهُوَ قَادر على السَّلامَة، وَإِذا كَانَ المنسوبون لرجل صَالح يتوقاهم النَّاس ويعظمونهم لأجل ذَلِك، فَمَا بالك بالمنسوبين إِلَى سيدِّ الْخلق كلهم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَشرف وكرم، وحَشَرَنا فِي زُمْرة محبيه ومحيي آله وَأَصْحَابه آمين.

١٢٩ - وَسُئِلَ نفع الله بِهِ: هَل تنام الْمَلَائِكَة؟ فَأجَاب بقوله: ظَاهر قَوْله تَعَالَى: {لَا يَفْتُرُونَ} [الْأَنْبِيَاء: ٢٠] أَنهم لَا ينامون بِالْفِعْلِ / وَقد أخرج ابْن عَسَاكِر أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (إِن الْمَلَائِكَة قَالُوا: ربنَّا خلقْتنا وخلقتَ بني آدم فجعلتهم يَأْكُلُون الطَّعَام وَيَشْرَبُونَ الشَّرَاب، وَيلبسُونَ الثِّيَاب، ويأتون النِّسَاء، ويركبون الدَّوَابّ، وينامون ويستريحون، وَلم تجْعَل لنا من ذَلِك شَيْئا فَاجْعَلْ اللَّهُمَّ لَهُم الدُّنْيَا وَلنَا الْآخِرَة؟ فَقَالَ عزّ وجلّ: لَا أجعَل مَنْ خلقت بيَدي ونفختُ فِيهِ من روحي كمن قلت لَهُ كُنْ فَكَانَ، وَهَذَا الحَدِيث من الْأَدِلَّة الصَّرِيحَة على تَفْضِيل جنس الْبشر على جنس الْملك كَمَا هُوَ مَذْهَب أهل السّنة. ١٣٠ وَسُئِلَ نفع الله بِهِ: هَل ورد (اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك بِنور وَجهك الَّذِي أشرقت بِهِ السَّمَوَات وَالْأَرْض أَن تجعلني فِي حْرزك وحفظك وجوارك وَتَحْت كَنَفِك) . فَأجَاب بقوله: أخرجه الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا مَوْقُوفا عَلَيْهِ. ١٣١ وَسُئِلَ نفع الله بِهِ: هَل يدْفع الذّكر البلاءُ كالصدقة؟ فَأجَاب بقوله: نعم: كَمَا صرحت بِهِ الْأَحَادِيث الَّتِي لَا تحصى فِي أذكار مَخْصُوصَة، من قَالَهَا عصم من الْبلَاء وَمن الشَّيْطَان وَمن الضَّرَر وَمن السم وَمن لدغة الْعَقْرَب وَمن أَن يُصِيبهُ شَيْء يكرههُ كَمَا فِي (أذكار) النَّوَوِيّ رَحمَه الله وَغَيره.

وَصَحَّ فِي (لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه أَنَّهَا تدفع سبعين بَابا من الضّر أدناها الْفقر) وَفِي رِوَايَة: (أدناها الْهم) وَصَحَّ: (لَا يرد الْقدر إِلَّا الدُّعَاء) (الدُّعَاء ينفع مِمَّا نزل وَمَا لم ينزل وَإِن الْبلَاء لينزل فيتلقاه الدُّعَاء فيعتلجان إِلَى يَوْم الْقِيَامَة) . وَأخرج أَبُو دَاوُد وَغَيره أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (من لزم الاسْتِغْفَار جعل الله لَهُ من كل همّ فرجا وَمن كل ضيق مخرجا ورزقه من حَيْثُ لَا يحْتَسب) . ١٣٢ وَسُئِلَ نفع الله بِهِ: عَن حَدِيث (من قَالَ أَنا عَالم فَهُوَ جَاهِل) من رَوَاهُ؟ فَأجَاب بقوله: هَذَا إِنَّمَا يعرف على ضعف فِي سَنَده من كَلَام بعض صغَار التَّابِعين وَهُوَ يحيى بن كثير وَرَفعه إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَالَ الْحفاظ: وَهَمْ على أَن رافعه لم يجْزم بِرَفْعِهِ وعَلى أَنه ضَعِيف مختلط فَلَا حجَّة فِي حَدِيثه كَمَا بَينه الْحفاظ وأطالوا القَوْل فِيهِ، فَحَدِيثه هَذَا فِي حكم الْمَوْضُوع غير أَنه لم يتَعَمَّد وَضعه وَإِنَّمَا كَانَ غَلطا.

وَالْحَاصِل أَن الْمَوْضُوع إِمَّا أَن يتَعَمَّد وَهُوَ شَأْن الْكَاذِبين وَإِمَّا لغير تعمد وَهَذَا شَأْن المتهمين والمضطربين فِي الحَدِيث كَمَا حكم الْحفاظ بِالْوَضْعِ على حَدِيث فِي (سنَن ابْن مَاجَه) وَهُوَ (من كثرت صلَاته بِاللَّيْلِ حسن وجْهه بِالنَّهَارِ) فَإِنَّهُم أطبقوا على أَنه مَوْضُوع، وَقد ثَبت عَن كثير من الصَّحَابَة وَمن لَا يُحْصى مِمَّن بعدهمْ قَول كل مِنْهُم أَنا عَالم وَمَا كَانُوا ليقعوا فِي شَيْء ذمه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وأبلغ من ذَلِك قَول نَبِي الله يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام: {قَالَ اجْعَلْنِى عَلَىاخَزَآئِنِ الأٌّرْضِ إِنِّى حَفِيظٌ عَلِيمٌ} [يُوسُف: ٥٥] كَمَا حَكَاهُ الله عَنهُ.

١٣٣ - وَسُئِلَ فسح الله فِي مدَّته: عَن أولادزينب بنت فَاطِمَة الزهراء من ابْن عَمها عبد الله بن جَعْفَر رَضِي الله عَنْهُم موجودون بِكَثْرَة، فَهَل يثبت لَهُم حكم أَوْلَاد أخويها الْحسن وَالْحُسَيْن رَضِي الله عَنْهُمَا، وَمَا الْفرق مَعَ أَن من خصوصياته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن أَوْلَاد بَنَاته ينسبون إِلَيْهِ؟ فَأجَاب بقوله: من الْوَاضِح أَن يثبت لَهُم حكمهم من كَونهم من الْآل وَأهل الْبَيْت وَمن ذُريَّته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَوْلَاده إِجْمَاعًا، وَمَعَ ذَلِك لَا ينسبون إِلَيْهِ أخذا من فرق الْفُقَهَاء بَين ولد الرجل وَمن ينْسب إِلَيْهِ فِي نَحْو وقفتُ على أَوْلَادِي فَيدْخل ولد الْبِنْت لِأَنَّهُ يُسمى ولدا، وَنَحْو وقفتُ على من ينْسب إليّ فَلَا يدْخل لِأَنَّهُ لَا ينْسب لجده بل ينْسب لِأَبِيهِ، وَالَّذِي ذَكرُوهُ أَن من خَصَائِصه صلى

<<  <   >  >>