للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْكَثْرَة وَالْعَظَمَة، ثمَّ إِذا قدر فِي الْأُخْرَى وأعدُّه عَدَد خَلْقه كَانَ إنْشَاء لعدد التَّسْبِيح وَلَيْسَ مرَادا بل المُرَاد أَقُول قولا عدد خلقه، على أَن ذَلِك قد يتَعَذَّر فِي رضَا نَفسه وَتَقْدِيره أرضيه رضَا نَفسه فَاسد لِعَوْد ضَمِيره على غير التَّسْبِيح وَهُوَ فِي زنة وَعدد للتسبيح فيختل التناسق فِي الْكَلِمَات، وبفرض عدم التَّعَذُّر فِي هَذَا هُوَ مُتَعَذر فِي مداد كَلِمَاته، وَمِمَّا يفْسد مَصْدَرِيَّة عدد، أَنه يلْزمهَا عدم فَكِّه لِأَنَّهُ مصدر على فعل بِسُكُون الْعين فَيجب أَن يُقَال عدّ بِالْإِدْغَامِ قَالَ الله تَعَالَى: {إِنَّمَا نعدم عدَّا} وَأَنه أَدخل فِي تَقْدِيره الْبَاء على عدد وَمَا بعده فَاقْتضى أَنه مَنْصُوب بِنَزْع الْخَافِض أَو الظَّرْفِيَّة، لَا الْمصدر إذْ الْبَاء لَا تدخل عَلَيْهِ قبل التَّقْدِير بِعَدَد كعدد خلقه وبمقدار زنة عَرْشه ورضا نَفسه: أَي غير مُنْقَطع، فَأَشَارَ إِلَى أَن الأول مصدر وَالثَّانِي ظرف وَالثَّالِث حَال وَتَقْدِير قدر المستلزم ليتساوى كل إعراباً أولى. قَالَ فِي (الارتشاف) : وَفرق سِيبَوَيْهٍ بَين وزن الْجَبَل وزنة الْجَبَل؛ فَمَعْنَى وَزنه نَاحيَة توازنه: أَي تقابله قُربَتْ أَو بَعُدَتْ، وزِنَتُه حِذاؤه: أَي متَّصلة بِهِ وَكِلَاهُمَا مُبْهَم يصل إِلَيْهِ الْفِعْل وينتصب ظرفا، وَفِي بعض (شُرُوح المصابيح) : زنة عَرْشه مَا يوازنه فِي الْمِقْدَار، يُقَال هُوَ زنة الْجَبَل أَي حذاءه فِي الثّقل والموازنة، وَفِيه إِيمَاء إِلَى تَخْرِيج الحَدِيث على الظَّرْفِيَّة، وَجَوَاز نصب عدد على أَنه صفة للمصدر. وردَّ بِأَنَّهُ إِمَّا صفة للمذكور وَهُوَ سُبْحَانَ الله، ويُعكِّر عَلَيْهِ الْفَصْل بَينه وَبَين موصوفه بقوله وَبِحَمْدِهِ وَهُوَ ضَعِيف أَو مَمْنُوع. على أَن سُبْحَانَ الله عَلَم للتسبيح لم يتصرفوا فِيهِ بِشَيْء فَفِي جَوَاز وَصفه وَقْفَة وَإِمَّا صفة لمقدر: أَي سُبْحَانَ الله تسبيحاً عدد خلقه، وَهُوَ غير مُحْتَاج إِلَيْهِ لِأَن سُبْحَانَ الله مصرَّح بِهِ لفظا فَلَا حَاجَة لتقدير مصدر آخر لأجل صِحَة مَا ادّعى مِنْ أَنه وصف للمصدر، لِأَن المصْدَر الْمَذْكُور مَنْصُوب بِفعل مقدَّر فَإِذا قدر مصدر آخر لزم مِنْهُ ثَلَاثَة تقادير فعل الْمصدر الظَّاهِر، والمصدر الْمُقدر، وَفعل لَهُ إذْ الْفِعْل الْوَاحِد لَا يَنْصبُ مصدرين. وَأَيْضًا فصحة الْكَلَام تتَوَقَّف على تَقْدِير شَيْء آخر، لِأَن التَّسْبِيح لَيْسَ نفس الْعدَد وَلَا الزنة مثلا فَيقدر مثل: أَي مثله فِي الْمِقْدَار فَرجع للظرفية، خُصُوصا وَقَوله رضَا نَفسه لَا يَصح فِيهِ تَقْدِير الْمثل وَلَا يَصح النصب هُنَا على الْحَال لِأَن التَّقْدِير أسبح: أَي أَقُول سُبْحَانَ الله عادَّا لخلقه وموزوناً لكلماته، فَإِن جعل حَالا من الْفَاعِل نافاه أَن عَدَد وَمَا بعده جَار على سُبْحَانَ الله أَو من الْمَفْعُول نافاه أَن الْمَفْعُول هُنَا مُطلق، والمعهود مَجِيء الْحَال من الْمَفْعُول بِهِ، ويتعذر كَونه حَالا من الْمُضَاف إِلَيْهِ، وَلَا يطرَّدِ التَّقْدِير بالمستتر فِي مداد كَلِمَاته فبطلت الحالية. ٢٠٧ وَسُئِلَ نفع الله بِهِ بِمَا لَفظه: فِي الحَدِيث (من كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَعَلَيهِ الْجُمُعَة إِلَّا مَرِيض الخ) مَا وَجه الرّفْع فِيهِ مَعَ أَنه اسْتثِْنَاء من كَلَام تَامّ مُوجب؟ فَأجَاب بقوله: أُجِيب بِأَنَّهُ مَنْصُوب وَلَكِن حذفت الْألف فِيهِ نَظِير قَول (شرح مُسلم) فِي حَدِيث (وَأرى مَالك خَازِن النَّار) فِي رِوَايَة لَفْظَة (مَالك) مَنْصُوبَة وأسقطت الْألف فِي الْكِتَابَة؟ وَهَذَا يَفْعَله المحدثون كثيرا فيكتبون سَمِعت أنس بِغَيْر الْألف ويقرؤونه بِالنّصب وَهَذَا أحسن مَا يُقَال انْتهى. وَقَالَ ذَلِك فِي رِوَايَة: (وَلأَهل نجد قرن) بِلَا ألف مَعَ أَنه مَصْرُوف لِأَنَّهُ اسْم لجبل وَكَذَا قَالَ الْقُرْطُبِيّ (وَكَانَ صداقه لأزواجه يسيرٌ اثْنَتَيْ عَشْرة أُوقِيَّة) وَقَوله يسير مُعرب منون غير أَنه وَقع هُنَا يسير على لُغَة من يقف على الْمنون بِالسُّكُونِ بِغَيْر ألف.

٢٠٨ - وَسُئِلَ نفع الله بِهِ: أَي كلمة تكون اسْما وفعلاً وحرفا؟ فَأجَاب بقوله: على اسْم بِمَعْنى فَوق وَفعل من الْعُلُوّ وحرف جر وَمن حرف جر وَفعل أَمر من مان يَمِين وَاسم كَمَا فِي (الْكَشَّاف) فِي {فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ} [الْبَقَرَة: ٢٢] إِذا كَانَت من للتَّبْعِيض فَهِيَ فِي مَوضِع الْمَفْعُول بِهِ وَرِزْقًا مفعول من أَجله وَلكم مفعول بِهِ لرزقاً، لِأَنَّهُ حينئذٍ مصدر. وَفِي (حَاشِيَة الطَّيِّبِيّ) إِذا قدرت من مَفْعُولا كَانَت اسْما كعن فِي من عَن يَمِين، وَفِي حرف جر، وَاسم بِمَعْنى الْفَم فِي حَالَة الْجَرّ وَفعل أَمر من الْوَفَاء بإشباع. ٢٠٩ وَسُئِلَ نفع الله بِهِ: عَن الْوَضع فِي أَسمَاء الْإِشَارَة للمعنى الْعَام أَو للخصوصيات الْمُشْتَركَة. فَإِن قيل بِالْأولِ ورد أَنه لَا يجوز إِطْلَاقهَا عَلَيْهَا إِذْ لَا تطلق إِلَّا على الخصوصيات فَلَا يُقَال هَذَا وَالْمرَاد أحد مِمَّا يشار إِلَيْهِ بِخِلَاف رجل، وإنَّ إطلاقَها على الخصوصيات مجَاز، وَلَا قَائِل بِهِ، أَو بِالثَّانِي لزم أَن يكون مُشْتَركا لفظا وَلَا قَائِل بِمَنْع أَن يشار بِهِ إِلَى أَمر كلي مَذْكُور وَذَلِكَ يُنَافِي وَضعه للخاص. فَأجَاب بقوله: الْقَرَافِيّ ذكر السُّؤَال فِي ذَلِك، وَجَوَابه لَكِن فِي الْمُضمر فَقَالَ: اخْتلف الْفُضَلَاء فِي مُسَمّى المضْمَر حَيْثُ وجد، هَل هُوَ جزئي أَو كلي؟ فَقَالَ الْأَكْثَرُونَ: مُسَمَّاهُ جزئي لاتفاقهم على أَنه

<<  <   >  >>