للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

هَذَا الْقصر عَن مَوْضُوعه الْحَقِيقِيّ فَتَأَمّله. ٢٣٢ وسنئل نفع الله بِهِ: عَن الْإِنْسَان بِالنِّسْبَةِ للْأَب وَالِابْن مُشَكِّك أَو متواطىء؟ فَأجَاب بقوله: هُوَ متواطىء لتساويهما فِيهِ، وَالِاخْتِلَاف بَينهمَا لَا يرجع للمسمى كالبياض بِالنِّسْبَةِ لأفراده بل لخارج عَنهُ كالذكورة وَالْأُنُوثَة. ٢٣٣ وَسُئِلَ نفع الله بِهِ: هَل ينطبق على مجَاز الزِّيَادَة وَالنَّقْص تَعْرِيف الْمجَاز. فَأجَاب بقوله: ذهب جمع إِلَى أَنَّهُمَا ليسَا من قبيل الْمجَاز حينئذٍ فَلَا إِشْكَال. وَذهب آخَرُونَ إِلَى أَنَّهُمَا مِنْهُ. واعترضوا بِأَنَّهُ لَا يصدق عَلَيْهِمَا حدُّه، وَقيل إِن غيَّر الْإِعْرَاب فمجاز وَإِلَّا فَلَا، وَقَالَ الْقَرَافِيّ: الْحَذف أَقسَام لَا مجَاز إِلَّا فِي وَاحِد مِنْهَا، وَهُوَ مَا يتَوَقَّف عَلَيْهِ صِحَة اللَّفْظ وَمَعْنَاهُ من حَيْثُ الْإِسْنَاد نَحْو {وَاسْئَلِ الْقَرْيَةَ} [يُوسُف: ٨٢] وَقيل إِنَّمَا يكون الْحَذف مجَاز إِذا تغيَّر حُكم، وَإِلَّا كحذف خبر المبتدإ الْمَعْطُوف على جملَة فَلَا. ٢٣٤ وَسُئِلَ نفع الله بِهِ: عَن المُشاكلة هَل هِيَ من أَنْوَاع الْمجَاز وَمَا العلاقة فِيهَا نَحْو: {وَجَزَآءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا} [الشورى: ٤٠] ؟ فَأجَاب بقوله: زعم بعض أَرْبَاب اليان أَنَّهَا وَاسِطَة لَيست بِحَقِيقَة لعدم اسْتِعْمَال اللَّفْظ فِيمَا وضع لَهُ وَلَا مجَاز لعدم العلاقة. وردّ بِأَنَّهُ مجَاز قطعا، والعلاقة فِيهِ الشكل والشبه الصوريُّ كَمَا يُطْلق الْإِنْسَان وَالْفرس على الصُّورَة المصوَّرة وَكَذَلِكَ الْجَزَاء أطلق عَلَيْهِ سَيِّئَة لكَونه مثل السَّيئَة الْمُبْتَدَأ بهَا فِي الصُّورَة، وَالله أعلم. ٢٣٥ وَسُئِلَ نفع الله بِعُلُومِهِ وأمدنا بمدده: هَل ورد حَدِيث صَحِيح فِي مَشْرُوعِيَّة التَّكْبِير أَو آخر قصار الْمفصل؟ فَإِن قُلْتُمْ نعم فَهَل هُوَ خَاص فِي حق غير الْمُصَلِّي، فَإِن قُلْتُمْ نعم فَهَل نُقِلَ نَدْبه فِي حق الْمُصَلِّي عَن أحد من الْأَئِمَّة، فَإِن قُلْتُمْ بسنيته فَمَا ابتداؤه وانتهاؤه؟ وَهل ينْدب مَعَه زِيَادَة لَا إِلَه إِلَّا الله كَمَا هُوَ الْمَعْمُول؟ فَأجَاب نفع الله بِهِ وَأعَاد علينا وعَلى الْمُسلمين من بركاته بقوله: حَدِيث التَّكْبِير ورد من طُرُق كَثِيرَة عَن أَحْمد بن مُحَمَّد بن أبي بزَّة البزي قَالَ: سَمِعت عِكْرِمَة بن سُلَيْمَان يَقُول: قَرَأت على إِسْمَاعِيل بن عبد الله بن قسطنطين فَلَمَّا بلغتُ وَالضُّحَى قَالَ لي: كبِّر عِنْد خَاتِمَة كل سُورَة حَتَّى تختم، وَأخْبرهُ أَنه قَرَأَ على مُجَاهِد فَأمره بذلك، وَأخْبرهُ مُجَاهِد أَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أمره بذلك، وَأخْبرهُ ابْن عَبَّاس بِأَن أبي بن كَعْب أمره بذلك وَأخْبرهُ أبي بن كَعْب أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أمره بذلك. وَقد أخرجه الْحَاكِم أَبُو عبد الله فِي (صَحِيحه الْمُسْتَدْرك) عَن البزي وَقَالَ: هَذَا حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرّجه البُخَارِيّ وَلَا مُسلم انْتهى. وَقد يُعَارضهُ تَضْعِيف أبي حَاتِم الْعقيلِيّ للبزي. وَيُجَاب بِأَن هَذَا التَّضْعِيف غير مَقْبُول، فقد رَوَاهُ عَن البزي الْأَئِمَّة الثِّقَات، وَكَفاهُ فخراً وتوثيقاً قَول إمامنا الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ: إنْ تركت التَّكْبِير تركت سنة، وَفِي رِوَايَة: يَا أَبَا الْحسن وَالله لَئِن تركت التَّكْبِير فقد تركت سنة من سنَن نبيك. وَقَالَ الْحَافِظ الْعِمَاد بن كثير: وَهَذَا من الشَّافِعِي يَقْتَضِي تَصْحِيحه لهَذَا الحَدِيث. وَمِمَّا يَقْتَضِي صِحَّته أَيْضا أَن أَحْمد بن حَنْبَل رَوَاهُ عَن أبي بكر الْأَعْين عَن البزي. وَكَانَ أَحْمد يجْتَنب الْمُنْكَرَات فَلَو كَانَ مُنْكرا مَا رَوَاهُ. وَقد صَحَّ عِنْد أهل مَكَّة فقهائهم وعلمائهم وَمن روى عَنْهُم، وَصِحَّته استفاضت وانتشرت حَتَّى بلغت حد التَّوَاتُر. وَصحت أَيْضا عَن أبي عَمْرو من رِوَايَة السُّوسِي، ووردت أَيْضا عَن سَائِر الْقُرَّاء، وَصَارَ عَلَيْهِ الْعَمَل عِنْد أهل الْأَمْصَار فِي سَائِر الْأَعْصَار. وَاخْتلفُوا فِي ابْتِدَائه، فَقيل من أول سُورَة الضُّحَى، وَالْجُمْهُور على أَنه من أول سُورَة ألم نشرح، وَفِي انتهائه؛ فجمهور المغاربة والمشارقة وَغَيرهم على أَنه إِلَى آخر النَّاس، وَجُمْهُور المشارقة على أَنه أَولهَا وَلَا يكبر آخرهَا، والوجهان مبنيان على أَنه هَل هُوَ لأوّل السُّورَة أَو لآخرها؟ وَفِي ذَلِك خلاف طَوِيل بَين الْقُرَّاء، وَالرَّاجِح مِنْهُ الظَّاهِر من النُّصُوص أَنه من آخر الضُّحَى إِلَى آخر النَّاس: وَلَا فرق فِي ندْب التَّكْبِير بَين الْمُصَلِّي وَغَيره، فقد نقل أَبُو الْحسن السخاوي بِسَنَدِهِ عَن أبي يزِيد الْقرشِي قَالَ: صليت بِالنَّاسِ خلف الْمقَام بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام فِي التَّرَاوِيح فِي شهر رَمَضَان، فَلَمَّا كَانَت لَيْلَة الْجُمُعَة كبَّرتُ، من خَاتِمَة الضُّحَى إِلَى آخر الْقُرْآن فِي الصَّلَاة فَلَمَّا سلمتُ التفتُ فَإِذا بِأبي عبد الله مُحَمَّد بن إِدْرِيس الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ. أَحْسَنت أصبت السّنة. وَرَوَاهُ الْحَافِظ أَبُو عَمْرو الداني عَن ابْن جريج عَن مُجَاهِد. قَالَ ابْن جريج: فَأولى أَن يَفْعَله الرجل إِمَامًا كَانَ أَو غير إِمَام، وَأمر ابْن جريج غير وَاحِد من الْأَئِمَّة بِفِعْلِهِ. وَنقل سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن صَدَقَة بن عبد الله بن كثير أَنه كَانَ يؤم النَّاس مُنْذُ أَكثر من سبعين سنة. وَكَانَ إِذا ختم الْقُرْآن كبر، فَثَبت بِمَا ذَكرْنَاهُ عَن الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ

<<  <   >  >>