للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَبَعض مشايخه وَغَيرهم أَنه سنة فِي الصَّلَاة، وَمن ثمَّ جرى عَلَيْهِ من أَئِمَّتنَا الْمُتَأَخِّرين الإِمَام الْمُجْتَهد أَبُو شامة رَحمَه الله، وَلَقَد بَالغ التَّاج الْفَزارِيّ فِي الثَّنَاء عَلَيْهِ حَتَّى قَالَ: عجبت لَهُ كَيفَ قلد الشَّافِعِي رَحمَه الله والإمامان أَبُو الْحسن السخاوي وَأَبُو إِسْحَاق الجعبري، وَمِمَّنْ أفتى بِهِ وَعمل فِي التَّرَاوِيح شيخ الشَّافِعِيَّة فِي عصره أَبُو الثَّنَاء مَحْمُود بن مُحَمَّد بن جملَة، الإِمَام والخطيب بالجامع الْأمَوِي بِدِمَشْق. قَالَ الإِمَام الْحَافِظ المتقن شيخ الْقِرَاءَة فِي عصره أَبُو الْخَيْر مُحَمَّد بن مُحَمَّد الْجَزرِي الشَّافِعِي: وَرَأَيْت أَنا غير وَاحِد من شُيُوخنَا يعْمل بِهِ وَيَأْمُر من يعْمل بِهِ فِي صَلَاة التَّرَاوِيح، وَفِي الْإِحْيَاء فِي ليَالِي رَمَضَان حَتَّى كَانَ بَعضهم إِذا وصل فِي الْإِحْيَاء إِلَى الضُّحَى قَامَ بِمَا بَقِي من الْقُرْآن فِي رَكْعَة وَاحِد يكبر فِي كل سُورَة، فَإِذا انْتهى إِلَى {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} [النَّاس: ١١٤] كبر فِي آخرهَا ثمَّ يكبر للرُّكُوع، وَإِذا قَامَ فِي الرَّكْعَة الثَّانِيَة قَرَأَ الْفَاتِحَة وَمَا تيَسّر من سُورَة الْبَقَرَة، وَفعلت أَنا ذَلِك مَرَّات لما كنت أقوم بِالْإِحْيَاءِ إِمَامًا بِدِمَشْق ومصر انْتهى. ثمَّ إنْ قُلْنَا التَّكْبِير لآخر السُّورَة كَانَ بَين آخرهَا وَبَين الرُّكُوع، وَإِن قُلْنَا لأولها كَانَ بَين تَكْبِير الْقيام والبسملة أول السُّورَة، وَوَقع لبَعض الشَّافِعِيَّة من الْمُتَأَخِّرين الْإِنْكَار على من كبر فِي الصَّلَاة فردَّ ذَلِك عَلَيْهِ غير وَاحِد وشنَّعوا عَلَيْهِ فِي هَذَا الْإِنْكَار. قَالَ ابْن الْجَزرِي: وَلم أر للحنفية وَلَا للمالكية، نقلا بعد التتبع، وَأما الْحَنَابِلَة فَفِي فروعهم لِابْنِ مُفْلِح وَهل يكبر لختمه من الضُّحَى أَو ألم نشرح آخر كل سُورَة فِيهِ رِوَايَتَانِ، وَلم يستحبه الْحَنَابِلَة القُرَّاء غيرَ ابْن كثير، وَقيل ويهلل انْتهى. وَأما صيغته فَلم يخْتَلف مُثْبِتُوه أَنَّهَا: الله أكبر، وَهِي الَّتِي رَوَاهَا الْجُمْهُور عَن البزي، وروى عَنهُ آخَرُونَ التهليل قبلهَا فَتَصِير لَا إِلَيْهِ إِلَّا الله وَالله أكبر وَهَذِه ثَابِتَة عَن البزي فلتعمل. ومِنْ ثمْة قَالَ شيخ الْإِسْلَام عبد الرَّحِمان الرَّازِيّ الشَّافِعِي رَحمَه الله فِي (وسيطه) فِي الْعشْر: وَقد رَأَيْت الْمَشَايِخ يُؤْثِرون ذَلِك فِي الصَّلَاة فرقا بَينهَا وَبَين تَكْبِير الرُّكُوع، ونُقِل عَن البزي أَيْضا زِيَادَة: وَللَّه الْحَمد بعد أكبر. وروى جمع عَن قُنْبل وروى عَنهُ آخَرُونَ التهليل أَيْضا، وَقطع بِهِ غير وَاحِد. قَالَ الداني: والوجهان يَعْنِي التهليل مَعَ التَّكْبِير وَالتَّكْبِير وَحده عَن البزي وقنبل صَحِيحَانِ مشهوران مستعملان جيدان، وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أعلم.

٢٣٦ - وَسُئِلَ رَضِي الله عَنهُ: التَّكْبِير عِنْد ختم الْقُرْآن أَوَاخِر السُّور فِي الصَّلَاة هَل هُوَ سنة؟ فَأجَاب بقوله: نعم هُوَ سنة فِي الصَّلَاة كَمَا نَص عَلَيْهِ الشَّافِعِي وَشَيْخه سُفْيَان بن عُيَيْنَة وَابْن جريج وَغَيرهم، وَنَقله جمَاعَة من أَئِمَّتنَا الْمُتَأَخِّرين كَأبي شامة، والسخاوي، وَابْن جملَة خطيب دمشق وَغَيرهم، وَعمل بِهِ جمَاعَة مِنْهُم وأفتوا بِهِ من يعْمل بِهِ فِي صَلَاة التَّرَاوِيح وردّوا على من أنكر ذَلِك، وَمن ثمَّة قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ فِي أَوَاخِر النشر لمَّا أَن بسط الْكَلَام فِي ذَلِك: وَالْعجب مِمَّن يُنْكِر التَّكْبِير بعد ثُبُوته عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعَن الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَغَيرهم ويجيز فِي صلوَات غير ثَابِتَة، وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أعلم.

٢٣٧ - وَسُئِلَ نفع الله بِهِ: فِي الصَّبِي الْجنب هَل قِرَاءَته الْقُرْآن بِقصد كَونه قُرْآنًا جَائِزَة، وَكَذَلِكَ مُكْثه فِي الْمَسْجِد فَلَا يُمْنع مِنْهُمَا، وَلَا حرج على وليه وتمكينه حينئذٍ؟ فَإِن قُلْتُمْ بِعَدَمِ الْجَوَاز فَهَل نِسْبَة بَعضهم الْجَوَاز لخادم الزَّرْكَشِيّ صَحِيحَة، وَإِذا كَانَت صَحِيحَة فَهَل وَافقه أحد أم خَالفه، وعَلى تَقْدِير عدم صِحَّتهَا فَهَل قَالَ أحد بِالْجَوَازِ من أَئِمَّة الْمذَاهب أم لَا؟ فَأجَاب بقوله: هُوَ أَن الَّذِي أفتى بِهِ النَّوَوِيّ وَجزم بِهِ ابْن السُّبْكِيّ فِي مُعِيد النعم، أَنه يجوز تَمْكِين الصَّبِي الْمُمَيز الجُنْب من مَسِّ الْمُصحف لحَاجَة تعلمه مِنْهُ، فَقَوْل الْإِسْنَوِيّ فِي (الْمُهِمَّات) لم أجد تَصْرِيحًا بتمكين الْمُمَيز فِي حَالَة الْجَنَابَة، وَالْقِيَاس الْمَنْع، لِأَنَّهَا نادرة وَحكمهَا أغْلظ انْتهى. يُردَّ وَإِن تبعه شَيخنَا زَكَرِيَّا وَأفْتى بِهِ فُقَهَاء الْيمن بِأَنَّهُ يَكْفِي تَصْرِيح النَّوَوِيّ وَغَيره بذلك، لَكِن الظَّاهِر أنْ الْإِسْنَوِيّ ومنْ تَبعه لم يطَّلع على ذَلِك، وَأما قَول الْخَادِم بعد أَن ذكر إِفْتَاء النَّوَوِيّ: وَفِيه نظر لِأَن الْجَنَابَة لَا تتكر فَلَا يُشَّق، وعَلى قِيَاسه يجوز تَمْكِينه من الْمكْث

<<  <   >  >>