للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

مثل هَؤُلَاءِ نسْأَل الله اللطف فِي ذَلِك والمسامحة إِنَّه أقرب وَأكْرم مُجيب، وَالله تَعَالَى أعلم. ٢٤٠ وَسُئِلَ نفع الله بِهِ: عَمَّا لَو شكَّ فِي شَيْء من الْقُرْآن حَال التِّلَاوَة أهوَ بِالْيَاءِ أَو هُوَ بِالتَّاءِ أَو هُوَ وَقَالَ أَو فَقَالَ هَل لَهُ أَن يقرأه من غير تَيَقّن حَقِيقَة ذَلِك أم لَا؟ فَأجَاب بقوله: إِنَّه لَا يجوز لَهُ الْقِرَاءَة مَعَ الشَّك الْمَذْكُور حَتَّى يغلب على ظَنّه الصَّوَاب، وَالله أعلم. ٢٤١ وَسُئِلَ نفعنا الله بِهِ: عَن شخص يعظ الْمُسلمين بتفسير الْقُرْآن والْحَدِيث وَهُوَ لَا يعرف علم الصّرْف وَوجه الْإِعْرَاب من علم النَّحْو وَلَا وَجه اللُّغَة وَلَا علم الْمعَانِي وَالْبَيَان، هَل يجوز لَهُ الْوَعْظ بهما أَو لَا؟ وَإِن وعظ بذلك بِرَأْيهِ فَهَل عَلَيْهِ حد مضبوط أَو تَعْزِير أَو لَا شَيْء عَلَيْهِ؟ وَهل يجوز لَهُ الْوَعْظ بِغَيْر إِذن الْحَاكِم أَو يعلق إِذْنه عَلَيْهِ وَإِذا مَنعه عَنهُ فوعظ، فَهَل عَلَيْهِ التَّعْزِير وَإِن قُلْتُمْ يَنْبَغِي التَّعْزِير فَمَا حَده؟ فَأجَاب رَضِي الله عَنهُ بقوله: بِأَنَّهُ إِن كَانَ وعظه بآيَات التَّرْغِيب والترهيب وَنَحْوهمَا وبالأحاديث الْمُتَعَلّقَة بذلك وفسَّر ذَلِك بِمَا قَالَه الْأَئِمَّة جَازَ لَهُ ذَلِك، وإنْ لم يعلم من علم النَّحْو وَغَيره، لِأَنَّهُ ناقل لكَلَام الْعلمَاء والناقل كلامَهم إِلَى النَّاس لَا يشْتَرط فِيهِ إِلَّا الْعَدَالَة، وَأَن لَا يتَصَرَّف فِيهِ بِشَيْء من رَأْيه وفهمه، وَأما إِذا كَانَ يتَصَرَّف فِيهِ بِرَأْيهِ أَو فهمه وَلَا أَهْلِيَّة فِيهِ لذَلِك بِأَن لم يُتْقن الْعُلُوم الْمُتَعَلّقَة بذلك فَإِنَّهُ يجب على أَئِمَّة الْمُسلمين وولاتهم وكلُّ من لَهُ قدرَة منعَه من ذَلِك وزجرَه عَن الْخَوْض فِيهِ، فإنْ لم يمْتَنع رفع إِلَى بعض قُضَاة الْمُسلمين ليعزِّره التَّعْزِير الشَّديد الْبَالِغ الزاجر لَهُ ولأمثاله من الجهَّال عَن الْخَوْض فِي مثل هَذِه الْأُمُور الصعبة لما يَتَرَتَّب على ذَلِك من الْمَفَاسِد والقبائح الْكَثِيرَة والشنيعة، وَمن أتقن طَرِيق الْوَعْظ وَمَا يحْتَاج إِلَيْهِ من الْعُلُوم فَإِنَّهَا دَرَجَة سنية، ومنصب شرِيف لَا يَستهزىء بِهِ ويتجاسر عَلَيْهِ إِلَّا كلُّ جَاهِل مجازف فِي الدّين لَا يخَاف الله وَلَا يخْشَى سطوة عَذَابه الْأَقْرَب إِلَيْهِ من حَبل الوريد، فَمن أتقنه كَمَا ذكرنَا جَازَ لَهُ فعله من غير إِذن الإِمَام، لَكِن قِيَاس مَا قَالَه أَئِمَّتنَا فِي التدريس أَنه لَا يجوز فعله فِي الْمَسَاجِد الْعِظَام إِلَّا بِإِذن الإِمَام إِن اُعْتِيدَ اسْتِئْذَانه فِي مثل ذَلِك، وَحَيْثُ منع الإِمَام مِنْهُ شخصا فخالفه وَفعل، عُزِّر التَّعْزِير الشَّديد لِأَن مُخَالفَة أَمر الإِمَام الَّذِي لَيْسَ بِمَعْصِيَة حرَام مُوجب للتعزير الشَّديد، وَكَيْفِيَّة التَّعْزِير لَا ضَابِط لَهَا لِأَنَّهُ يخْتَلف باخْتلَاف المعزَّرين وَالْمَعْصِيَة الَّتِي وَجب التَّعْزِير لَهَا وبسببها، وَمن ثمَّ قَالُوا إِن الْأَمر فِيهَا مَنُوط بِرَأْي الإِمَام فَمَتَى رأى مرتبَة كَافِيَة فِي الزَجْر لم يجز لَهُ الارتقاء إِلَى مَا فَوْقهَا، وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أعلم.

٢٤٢ - وَسُئِلَ نفع الله بِهِ: إِذا اسْتعْمل من ورق الْكتب أغشية لَهَا وَفِي تجليدها هَل يجب نقضه وبله؟ فَأجَاب بقوله: يحرم جعل الأوراق الَّتِي فِيهَا شَيْء من الْقُرْآن أَو من الْأَسْمَاء المعظمة غشاء مثلا أخذا مِمَّا أفتى بِهِ الحناطي من حُرْمَة جعل النَقْد فِي كاغد فِيهِ بِسم الله الرَّحِمان الرَّحِيم، وفرَّق ابْن الْعِمَاد بَينه وَبَين كَرَاهِيَة لبس الثَّوْب المطرَّز بِالْقُرْآنِ، بِأَن الْمَكْتُوب هُنَا قُصِد بِهِ الدراسة وَمُقْتَضَاهُ أَنه لَا يحرم جعل ذَلِك فِيمَا كتب لَا للدراسة، وَفِيه وقْفَة، وَالَّذِي يَنْبَغِي فِي الْفرق أَن يُقَال لَيْسَ من شَأْن الثَّوْب أَن يكْتب عَلَيْهِ قُرْآن بِخِلَاف الكاغد فَلم يحرم لبس ذَلِك، وَحرم جعل شَيْء فِي هَذَا، لِأَن لبس ذَلِك لَا يعدُّ امتهاناً لما كتب عَلَيْهِ بِخِلَاف جعله نَحْو نَقْد فِي هَذَا فَإِنَّهُ يُعدَّ انتهاكاً أيَّ انتهاك لما كتب فِيهِ، لِأَن الْكِتَابَة فِيهِ تقطع عَنهُ كَونه يَجعله ظرفا لغيره لكَونه مَوْضُوعا لَهَا، وَالْكِتَابَة على الثَّوْب لَا تقطع كَونه ملبوساً لكَونه لَيْسَ مَوْضُوعا لَهُ. وَإِذا تقرر ذَلِك اتجه حُرْمَة جعل النَّقْد أَو غَيره فِي كاغد كتب فِيهِ من الْقُرْآن سَوَاء أقصد بهَا الدراسة أم غَيرهَا. وَيعلم من هَذَا مَا قدَّمتُه من أَنه يلْحق بِالْقُرْآنِ كل اسْم مُعظم كاسم الله وَاسم نبيه مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَأما الأوراق الَّتِي فِيهَا عِلْم محرم وَلَيْسَ فِيهَا اسْم مُعظم فَظَاهر كَلَامهم أَنه لَا يحرم جعلهَا غشاء، وحينئذٍ فَلَا يجب نقض الأغشية المعمولة مِنْهَا. فَإِن قلت: بل يَنْبَغِي حُرْمَة ذَلِك قِيَاسا على حُرْمَة توسد كتب الْعلم الْمُحْتَرَم. قلت: الْقيَاس لَهُ نوع اتجاه إِلَّا أَنه يُمكن الْفرق بِأَن التوسد فِيهِ من الْمُبَاشرَة بالامتهان والاستعمال مَا لَيْسَ فِي جعلهَا أغشية: وواضح أَن الْكَلَام فِي كتب علم بالية تعطَّل النَّفْع بهَا وَلم يكن فِي جعلهَا أغشية إِضَاعَة مَال وَلَا تَعْطِيل لذَلِك الْعلم الْمُحْتَرَم، فَإِن وجد شَيْء من ذَلِك اتجه القَوْل بِالْحُرْمَةِ حينئذٍ كَمَا لَا يخفى على من لَهُ أدنى بَصِيرَة، وَإِذا حرم وَجب نقضهَا وإعادتها على حَالهَا إِن أمكن ذَلِك بعد النَّقْض، وَالله أعلم.

٢٤٣ - وسئلت: عَمَّن وجد مصحف غَلطا هَل لَهُ أَن يصلحه بِغَيْر إِذن مَالِكه؟ وَكَذَلِكَ فِي الْكتب. وَهل للقارىء بالمصحف الْكَرِيم إِذا انْتهى إِلَى آخر حِزْبه أَن يضع فِيهِ ورقة أَو نَحْوهَا ليعرف حزبه

<<  <   >  >>