للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فِيهَا وَالْحمام مأوى الشَّيَاطِين وَأما الْقِرَاءَة فَلَيْسَتْ كَذَلِك على أَنَّهَا قد تكون سَببا لطرده وإيذائه كَمَا صَحَّ ذَلِك فِي آيَة الْكُرْسِيّ وَقَول السَّائِل وَقَول الْعباب وَيحرم الخ يعلم جَوَابه من قولي فِي شَرحه وَيحرم جعل دَرَاهِم مثلا فِي ورقة كتب فِيهَا قُرْآن وَمِنْه الْبَسْمَلَة كَمَا أفتى بِهِ الحناطي وَنَقله السُّبْكِيّ عَن الْفُقَهَاء وَفرق ابْن الْعِمَاد فِي حل لبس الثَّوْب الْمُطَرز بِالْقُرْآنِ بِأَن الْمَكْتُوب هُنَا قصد بِهِ الدراسة وَمُقْتَضَاهُ أَنه لَا يحرم جعل ذَلِك فِيمَا كتب لَا للدارسة وَفِيه نظر وَالَّذِي يتَّجه الْفرق بِأَن لبس الثَّوْب الْمَذْكُور لَيْسَ فِيهِ امتهان بطرِيق الذَّات بل بطرِيق التبع بِخِلَاف وضع النَّقْد فِي تِلْكَ الورقة فَإِنَّهُ مُتَضَمّن للامتهان بطرِيق الذَّات وَيظْهر أَنه يلْحق بِالْقُرْآنِ كل اسْم مُعظم وكالنقد فِيمَا ذكر نَحْو الأكحال والأدوية بل أولى خلافًا لما يُوهِمهُ كَلَام البازري وَيَنْبَغِي أَن يلْحق بذلك مَا يبطن بِهِ جُلُود الْمَصَاحِف وَغَيرهَا من الأوراق الَّتِي فِيهَا اسْم مُعظم فَيحرم كجعل نَحْو النَّقْد فِيهَا بِجَامِع مَا فِي كل من الامتهان بِخِلَاف مَا لَيْسَ فِيهِ اسْم مُعظم وَإِن كَانَ من الْعُلُوم الشَّرْعِيَّة ثمَّ رَأَيْت ابْن الْحَاج الْمَالِكِي فِي مدخله صرح بذلك فحرمه بِمَا فِيهِ قُرْآن أَو حَدِيث أَو اسْم من أَسمَاء الْمَلَائِكَة والأنبياء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام قَالَ حُرْمَة لَهُ وتعظيما لقدره بِخِلَاف مَا فِيهِ أَسمَاء الْعلمَاء وَالسَّلَف الصَّالح أَو شَيْء من الْعُلُوم الشَّرْعِيَّة فَإِنَّهُ يكره وَلَا يحرم انْتهى وَهُوَ ظَاهر مُوَافق لقواعدنا انْتَهَت عبارَة شرح الْعباب وَمِنْهَا يعلم أَن الورقة الَّتِي فِيهَا علم شَرْعِي لَيست كَالَّتِي فِيهَا قُرْآن أَو اسْم مُعظم وَأَن وضع نَحْو النَّقْد فِي تِلْكَ مَكْرُوه وَفِي هَذِه حرَام وَسُئِلَ ابْن الصّلاح عَمَّن يَقُول الشَّيْطَان يقدر أَن يقْرَأ الْقُرْآن وَيُصلي هُوَ وَجُنُوده فَأجَاب بقوله ظَاهر النقول يَنْفِي قراءتهم الْقُرْآن وقوعا وَيلْزم من ذَلِك انْتِفَاء الصَّلَاة مِنْهُم إِذْ مِنْهَا قِرَاءَة الْقُرْآن وَقد ورد أَن الْمَلَائِكَة لم يُعْطوا فَضِيلَة حفظه فهم حريصون على استماعه من الْإِنْس فَإِن قِرَاءَة الْقُرْآن كَرَامَة أكْرم الله بهَا الْإِنْس غير أَن الْمُؤمنِينَ من الْجِنّ بلغنَا أَنهم يقرؤنه وَمَا ذكره فِي الْمَلَائِكَة قَالَ الْكَمَال الدَّمِيرِيّ قد يتَوَقَّف فِيهِ من جِهَة أَن جِبْرِيل هُوَ النَّازِل بِالْقُرْآنِ على النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - وَقَالَ تَعَالَى فِي وصف الْمَلَائِكَة {والتاليات ذكرا} أَي تتلو الْقُرْآن انْتهى وَقد يُجَاب بِأَن ذَلِك خُصُوصِيَّة لجبريل وَتَفْسِير الْآيَة بِخُصُوص كَونهَا تتلو الْقُرْآن هُوَ مَحل النزاع فَلَا دَلِيل فِيهِ وَمَا ذكره فِي مؤمني الْجِنّ يُؤَيّدهُ مَا أخرجه الْخَطِيب فِي رِوَايَة مَالك عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ قَالَ بَيْنَمَا نَحن نسير مَعَ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - إِذْ أَقبلت حَيَّة سَوْدَاء ثعبان ذكر فَوضعت رَأسهَا فِي أذن النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - وَوضع النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - فَمه على أذنها فناجاها ثمَّ ذهبت وكأنما الأَرْض قد ابتلعتها فَقُلْنَا يَا رَسُول الله لقد أشفقنا عَلَيْك فَقَالَ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - هَذَا وَفد الْجِنّ نسوا سُورَة فَأَرْسلُوهُ إِلَيّ ففتحت عَلَيْهِم الْقُرْآن وَفِي هَذَا تَصْرِيح بِأَنَّهُم يقرؤن الْقُرْآن وَفِي حَدِيث ورد من طرق كَثِيرَة يبلغ بهَا دَرَجَة الْحسن كَمَا قَالَ بعض الْمُحَقِّقين ٢ أَن هَامة ابْن إِبْلِيس جَاءَ للنَّبِي - صلى الله عليه وسلم - وَذكر أَنه حضر قتل هابيل بن آدم وَأَنه اجْتمع بِنوح فَمن بعدهمْ وآمن بهم ثمَّ طلب من النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - بعد أَن آمن بِهِ وبلغه السَّلَام من عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فَرد عَلَيْهِ السَّلَام أَن يُعلمهُ شيأ من الْقُرْآن فَعلمه الْوَاقِعَة والمرسلات وَعم يتساءلون وَإِذا الشَّمْس كورت وَقل هُوَ الله أحد والمعوذتين ثمَّ مَا أفهمهُ التلازم بَين الْقِرَاءَة وَالصَّلَاة الَّذِي مر عَن ابْن الصّلاح من أَن مؤمني الْجِنّ يصلونَ يدل لَهُ مَا رَوَاهُ سُفْيَان الثَّوْريّ فِي تَفْسِيره عَن إِسْمَاعِيل البَجلِيّ عَن سعيد بن جُبَير قَالَ قَالَت الْجِنّ للنَّبِي - صلى الله عليه وسلم - كَيفَ لنا بمسجدك أَن نشْهد الصَّلَاة مَعَك وَنحن ناؤن عَنْك فَنزلت وَأَن الْمَسَاجِد لله فَلَا تدعوا مَعَ الله أحدا وَفِي نِهَايَة ابْن الْأَثِير فِي الحَدِيث لَا تحدثُوا فِي القزع فَإِنَّهُ مصلى الْخَائِفِينَ والقزع بِالتَّحْرِيكِ أَن يكون فِي الأَرْض ذَات الكلا مَوَاضِع لَا نَبَات بهَا والخائفون الْجِنّ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود فِي قصَّته لَيْلَة جن نَصِيبين لما خرج إِلَيْهِم النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - بِأَعْلَى مَكَّة وَرجع النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - من عِنْدهم أدْركهُ شخصان مِنْهُم فَقَالَا لَهُ يَا رَسُول الله إِنَّا نحب أَن تؤمنا فِي صَلَاتنَا قَالَ ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فَصَليَا خَلفه ثمَّ صلى بِنَا ثمَّ انصرفا فَقلت لَهُ من هَؤُلَاءِ يَا رَسُول الله فَقَالَ هَؤُلَاءِ جن نَصِيبين الحَدِيث وَأفْتى أَبُو الْبَقَاء العكبري الْحَنْبَلِيّ بِصِحَّة الصَّلَاة خلف الْجِنّ لأَنهم مكلفون وَالنَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - مُرْسل إِلَيْهِم أَي

<<  <   >  >>