للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

إِجْمَاعًا وَذكر ابْن الصَّيْرَفِي الْحَنْبَلِيّ أَيْضا أَن الْجُمُعَة تَنْعَقِد بهم وَقَضِيَّة مَذْهَبنَا ذَلِك أَن تحقق وجود شُرُوط الْإِمَامَة وَالْجُمُعَة فِي الْعين مِنْهُم الَّذِي يُرَاد الائتمام بِهِ أَو حسبانه من الْأَرْبَعين وَيُؤَيّد ذَلِك إِفْتَاء السُّبْكِيّ بِأَنَّهُم مكلفون بِشَرِيعَتِهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي كل شَيْء لِأَنَّهُ إِذا ثَبت إرْسَاله إِلَيْهِم كإرساله لنا وَالدَّعْوَى عَامَّة والشريعة عَامَّة لَزِمَهُم كل تَكْلِيف وجد سَببه فيهم إِلَّا أَن يدل دَلِيل على التَّخْصِيص قَالَ فَنَقُول تلزمهم الصَّلَاة وَالزَّكَاة بشرطها وَالصَّوْم وَالْحج وَغَيرهَا من الْوَاجِبَات وَيحرم عَلَيْهِم كل حرَام وَلَا نلتزم ذَلِك فِي الْمَلَائِكَة وَإِن قُلْنَا بِعُمُوم الرسَالَة لَهُم أى وَهُوَ الْأَصَح عِنْد جمع الْمُحَقِّقين وَيدل لَهُ حَدِيث مُسلم وَأرْسلت إِلَى الْخلق كَافَّة وَقد ورد فِي آثَار كَثِيرَة عَن السّلف أَن جمعا من الْجِنّ كَانُوا يقرؤون الْقُرْآن عَلَيْهِم ويتعلمون الْعلم وَبِالْجُمْلَةِ التَّكْلِيف شَرطه الْعلم فَمَا علموه لَزِمَهُم وَمَا لَا فَلَا انْتهى كَلَام السُّبْكِيّ وَفِي فروع الْحَنَابِلَة أَنهم مكلفون فِي الْجُمْلَة وَإِن كافرهم فِي النَّار ومؤمنهم فِي الْجنَّة أَي وَهُوَ مَا ذهب إِلَيْهِ جُمْهُور الْعلمَاء حَتَّى أَبُو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ خلافًا لما نقل عَنهُ أَنه لَا ثَوَاب لَهُم إِلَّا النجَاة من النَّار ثمَّ يكونُونَ تُرَابا انْتهى وَأَن ثَوَاب مؤمنهم فِي الْجنَّة كثوابنا ثمَّ أَطَالَ الْكَلَام فِي كثير من فروع فقهية وَغَيرهَا تتَعَلَّق بهم وَبِه كَالَّذي مر عَن السُّبْكِيّ يعلم الْجَواب عَن قَول السَّائِل يعلمُونَ ويتعلمون أَحْكَام الشَّرْع ويكتبون وَيصلونَ ويتطهرون وَقَوله وَمَا الَّذِي يجب على الْآدَمِيّ المتزوج مِنْهُم الخ وَجَوَابه إِذا ثَبت أَنهم مكلفون كتكليفنا جرت عَلَيْهِم الْأَحْكَام الْجَارِيَة علينا فِي الْعِبَادَات والمعاملات وَالنَّفقَة على الزَّوْجَات وعلينا لَهُم إِذا صححنا النِّكَاح مِنْهُم على القَوْل الضَّعِيف إِذْ لأصح أَنه لَا يَصح نِكَاح آدَمِيّ جنية كَعَكْسِهِ لأَنهم غير جنسنا فهم بِمَثَابَة بَقِيَّة الْحَيَوَانَات وَقد وَقع لنا فِي ابْتِدَاء الطّلب أَن بعض مَشَايِخنَا مِمَّن جمع بَين الْعلم وَالصَّلَاح قرر صِحَة أنكحتهم فتوقفنا فِيهِ وبحثنا مَعَه فِي ذَلِك ثمَّ جَاءَنَا فِي يَوْم فَقَالَ رَأَيْت النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - البارحة فِي النّوم فَسَأَلته عَن ذَلِك فَقَالَ لي أَيحلُّ نِكَاح الْبَقَرَة أَي فَلَا يحل نكاحهم لأَنهم من غير الْجِنْس وَيُؤَيّد ذَلِك قَوْله تَعَالَى ممتنا علينا وَالله جعل لكم من أَنفسكُم أَزْوَاجًا فَلَو جَازَ التَّزَوُّج مِنْهُم لفات ذَلِك الامتنان فَعلم أَن الْآيَة دَالَّة أَيْضا على عدم صِحَة نكاحنا مِنْهُم وَهُوَ الْمُعْتَمد (وَسُئِلَ) نفع الله بِهِ عَن قَوْله تَعَالَى {وَالْقَمَر إِذا اتسق} مَا هُوَ اتساقه فَإنَّا أَحْيَانًا مَا نرى الْهلَال حَتَّى يمْضِي من الشَّهْر ثَلَاث لَيَال وَنَحْوهَا وَفِي أوساط الشَّهْر يحصل الصحو أَحْيَانًا فَإِذا عرفنَا اتساقه مَتى يكون عرفنَا دُخُوله إِذا حصل الْغَيْم فِي زمن الرّبيع فبينوا لنا بَيَانا وَاضحا (فَأجَاب) بقوله معنى قَوْله تَعَالَى {وَالْقَمَر إِذا اتسق} اسْتَوَى وَاجْتمعَ وتكامل وَمن ثمَّ قَالَ الْفراء اتساقه امتلاؤه واجتماعه واتساقه لَيْلَة ثَلَاث عشرَة وَأَرْبع عشرَة إِلَى سِتّ عشرَة وَإِذا كَانَ هَذَا معنى الاتساق لم يتَوَجَّه قَول السَّائِل فَإنَّا أَحْيَانًا الخ (وَسُئِلَ) نفع الله بِهِ بِمَا لَفظه فِي التَّفْسِير فِي قَوْله تَعَالَى {إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إنْشَاء فجعلناهن أَبْكَارًا عربا أَتْرَابًا لأَصْحَاب الْيَمين} حِكَايَة عَن الحَدِيث أَنَّهُنَّ اللَّاتِي قبض عَجَائِز خَلقهنَّ الله بعد الْكبر عذارى فَجَعلهَا عذارى مُتَعَشقَات على مِيلَاد وَاحِد أفضل من الْحور الْعين كفضل الظهارة على البطانة وأنهن لأَصْحَاب الْيَمين مُوَافقا لظَاهِر الْآيَة هَل هن مختصات بأصحاب الْيَمين والحور الْعين بالمقربين أَو الِاعْتِبَار بالأكثرية (فَأجَاب) بقوله لفظ هَذَا الحَدِيث لم أره وَإِنَّمَا الَّذِي رَأَيْته مَا أخرجه كَثِيرُونَ مِنْهُم عبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فِي قَوْله تَعَالَى {إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إنْشَاء} قَالَ أَن هَذِه الْمُنْشَآت الَّتِى كن فِي الدُّنْيَا عَجَائِز عمشًا عمصا وَمَا أخرجه آخَرُونَ مِنْهُم الطَّيَالِسِيّ وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن مرْثَد الْجعْفِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ سَمِعت رَسُول الله

يَقُول فِي قَوْله تَعَالَى {إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إنْشَاء} قَالَ الثّيّب وَالْإِبْكَار اللَّاتِي كن فِي الدُّنْيَا وَمَا أخرجه آخَرُونَ مِنْهُم عبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ فِي الشَّمَائِل وَالْبَيْهَقِيّ عَن الْحسن قَالَ أَتَت عَجُوز للنَّبِي - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَت يَا رَسُول الله أدع الله لى أَن يدخلني الْجنَّة فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يَا أم فلَان إِن الْجنَّة لَا تدْخلهَا عَجُوز فَوَلَّتْ تبْكي فَقَالَ أَخْبرُوهَا أَنَّهَا لَا تدْخلهَا وَهِي عَجُوز أَن الله يَقُول {إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إنْشَاء فجعلناهن أبكار} أَو فِي رِوَايَة عِنْد الْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت دخل عليّ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - وَعِنْدِي عَجُوز فَقَالَ من هَذِه فَقلت إِحْدَى خَالَاتِي فَقَالَ أما إِنَّه لَا تدخل الْجنَّة الْعَجُوز فداخل الْعَجُوز من تِلْكَ مَا شَاءَ الله فَقَالَ

<<  <   >  >>