للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ خلقا آخر وَفِي رِوَايَة عِنْد الطَّبَرَانِيّ عَنْهَا أَنه - صلى الله عليه وسلم - أَتَتْهُ عَجُوز من الْأَنْصَار فَقَالَت يَا رَسُول الله ادْع الله أَن يدخلني الْجنَّة فَقَالَ أَن الْجنَّة لَا تدْخلهَا عَجُوز فَذهب يُصَلِّي ثمَّ رَجَعَ فَقَالَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا لقد لقِيت من كلمتك مشقة فَقَالَ إِن ذَلِك كَذَلِك أَن الله إِذا أدْخلهُنَّ الْجنَّة حَوْلهنَّ أَبْكَارًا وَقَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا خَلقهنَّ غير خَلقهنَّ الأول وَقَالَ قَتَادَة الضَّمِير لِأَزْوَاج الْقَوْم وَالْحسن الضَّمِير للنِّسَاء وَسَعِيد بن جُبَير مَعْنَاهُ خلقناهن خلقا جَدِيدا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه أَنه - صلى الله عليه وسلم - قَالَ إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ أَنْشَأَهُنَّ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ أَنه - صلى الله عليه وسلم - قَالَ أَن أهل الْجنَّة إِذا جامعوا نِسَاءَهُمْ عدن أَبْكَارًا وَجَاء عَن ابْن عَبَّاس وَغَيره رِوَايَات حاصلها أَن الْعَرَب العواشق المتعشقات لِأَزْوَاجِهِنَّ المتحببات المقودات إِلَيْهِم الغنجات المتغنجات الْحَسَنَات الْكَلَام الغلمات أَي القويات الشَّهْوَة وأصل العربة النَّاقة الَّتِي تشْتَهي الْفَحْل وَالْمَرْأَة الْحَسَنَة للبعل وَورد بِسَنَد ضَعِيف أَنه - صلى الله عليه وسلم - قَالَ خير نِسَائِكُم العفيفة الغلمة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ - صلى الله عليه وسلم - عربا كلامهن عَرَبِيّ وَأَن الأتراب المستويات فِي السن وَهُوَ ثَلَاث وَثَلَاثُونَ سنة إِذا تقرر ذَلِك فأنشأناهن إِن كَانَ مَعْنَاهُ بدأنا خَلقهنَّ فَالضَّمِير فِيهِ رَاجع للحور الْعين وَهُوَ بعيد خلافًا لمن قَالَ بِهِ وَكفى بِهَذَا الْأَحَادِيث السَّابِقَة فِي رده وَعَلِيهِ فَلَا إِشْكَال لإفادته أَن الْحور الْعين للسابقين ولأصحاب الْيَمين وَإِن كَانَ مَعْنَاهُ أعدنا خَلقهنَّ فَالضَّمِير رَاجع لِنسَاء الدُّنْيَا كَمَا دلّ عَلَيْهِ بعض تِلْكَ الْأَحَادِيث أما ارجاعا لَهُ على مَعْلُوم لم يذكر على حد حَتَّى تَوَارَتْ بالحجاب أَو على مَذْكُور بِالْقُوَّةِ لِأَن الْفرش المرفوعة تستلزمهن نظر اللكمال أَو بِالْفِعْلِ لِأَن الْفرش يعبر بهَا عَن النِّسَاء كاللباس وعَلى كل فَظَاهر الْآيَة أَفَادَ أَن الْحور الْعين للسابقين وَنسَاء الدُّنْيَا لأَصْحَاب الْيَمين وَهُوَ مُشكل لتصريح حَدِيث الطَّبَرَانِيّ بِأَن فضل نسَاء الدُّنْيَا على الْحور الْمُنْشَآت كفضل الظهارة على البطانة بصلاتهن وصومهن وعبادتهن لله تَعَالَى فَيكون الْأَعْلَى للمفضول والأدون للفاضل وَيُجَاب عَنهُ بِأَنَّهُ ورد أَن أَسْفَل أهل الْجنَّة يُفْضِي فِي الْغَدَاة الْوَاحِدَة إِلَى مائَة عذراء وَيقوم على رَأسه عشرَة آلَاف خَادِم وَأَن للرجل زَوْجَتَيْنِ من نسَاء الدُّنْيَا وَبِذَلِك يعلم اشْتِرَاك أهل الْجنَّة جَمِيعهم فِي الْحور وَنسَاء الدُّنْيَا وَالَّذِي فِي آيَة الْوَاقِعَة إِنَّمَا هُوَ تمايز السَّابِقين وَأهل الْيَمين بِمَجْمُوع الْمَذْكُورَات لَا بِكُل وَلَا شكّ أَن من تَأمل مَا أعْطِيه السَّابِقُونَ من مَجْمُوع تِلْكَ الْمَذْكُورَات لَهُم وجدهَا أفضل مِمَّا أعْطِيه أَصْحَاب الْيَمين وَأما كَون بعض مَا ذكر لأَصْحَاب الْيَمين أفضل من بعض مَا ذكر للسابقين فَلَا يضر لِأَنَّهُ علم من السّنة اشتراكهما فِي الْحور الْعين وَنسَاء الدُّنْيَا وَيصِح أَن يُرَاد بأصحاب الْيَمين الْمَذْكُور بعد أَتْرَابًا أَصْحَاب مَجْمُوع الْفَرِيقَيْنِ السَّابِقين وَأَصْحَاب الْيَمين وَحِينَئِذٍ فَيُفِيد النَّص على اشْتِرَاك الْفَرِيقَيْنِ فِي ذَلِك وحكمته أَنه لما ذكر مَا يخص كل ختم بِمَا يَشْتَرِكَانِ فِيهِ كَمَا دلّت عَلَيْهِ السّنة وَحِينَئِذٍ فَلَا إِشْكَال وَيكون الضَّمِير رَاجعا إِلَى مُطلق نسَاء الْجنَّة الَّتِي من جملتهن نسَاء الدُّنْيَا كَمَا دلّ عَلَيْهِ الحَدِيث الأول أَن من الْمُنْشَآت الخ وَيدل لَهُ التَّصْرِيح فِي حَدِيث آخر بِأَن الْحور منشآت أَيْضا هَذَا مَا ظهر فِي الْآيَة وَإِن لم أر من ذكره وَالله تَعَالَى أعلم بأسرار كِتَابه أذاقنا لله حلاوة فهمه بمنه وَكَرمه (وَسُئِلَ) نفع الله بِهِ عَن جعل جَوَاب الشَّرْط خرقها فِي قَوْله تَعَالَى {إِذا ركبا فِي السَّفِينَة خرقها} دون قَالَ الْمُسَبّب عَنهُ وَفِي الْآخِرَة {استطعما أَهلهَا} دون قَالَ الْمُسَبّب عَنهُ أَيْضا وَفِي المتوسطة بَينهمَا جعل جَوَاب الشَّرْط قَالَ دون سَببه الَّذِي هُوَ قتل الْغُلَام مَا حِكْمَة ذَلِك (فَأجَاب) بقوله جعل السَّبَب هُوَ الْجَواب فِي الأولى وَالْآخِرَة هُوَ الأَصْل لِأَنَّهُ محط الْفَائِدَة فَلَا يسئل عَن حكمته والمسئول عَنهُ إِنَّمَا الْآيَة الْوُسْطَى تغير الأسلوب فِيهَا وحكمته وَالله أعلم أَن القَوْل فِيهَا وَقع على شدَّة من الغلظة وَالْإِنْكَار وَالْمُبَالغَة فِي التوبيخ وَلم يُوجد نَظِير ذَلِك فِي الأولى وَالْآخِرَة وَلأَجل هَذَا زَاد الْخضر فِي الْجَواب لَك فِي ألم أقل لَك إشعارا لمُوسَى - صلى الله عليه وسلم - بِأَنَّهُ فِي هَذَا الحَدِيث خَالف الْعَهْد الَّذِي الْتَزمهُ مَعَه فِي عدم الْإِنْكَار عَلَيْهِ مُخَالفَة ظَاهِرَة وَالْقَوْل بِأَن الْأَمر أبلغ من النكر والإغلاظ فِي الأولى أبلغ مِنْهُ فِي الثَّانِيَة لِأَن خشيَة قتل كثيرين لَيست كَقَتل وَاحِد ضَعِيف جدا بل الصَّوَاب مَا قَرّرته من أَن مَا فِي الثَّانِيَة أبلغ وَأَشد فِي الْإِنْكَار وَتحقّق قتل نفس زكية أقبح من

<<  <   >  >>