للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَبَيَان الْمُلَازمَة أَن الْمَطْلُوب فِي القراآت السَّبع مصحف عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ تواترا وَاخْتِلَاف أَلْفَاظ السَّبْعَة فِي تعبيرهم عَن تِلْكَ الْكَلِمَات بالروم والترقيق والتسهيل وأضداد ذَلِك وَالْإِعْرَاب الْمُوَافق للمعنى كاختلاف أَلْفَاظ الشُّهُود فِي إِثْبَات الزنابل اخْتِلَاف أَلْفَاظ الْقُرَّاء بذلك أخف لِأَن اخْتلَافهمْ رَاجع للِاخْتِلَاف فِي صفة الْحُرُوف أَو فِي بعض حُرُوف الْكَلِمَة الْوَاحِدَة وَاخْتِلَاف الشُّهُود رَاجع للِاخْتِلَاف فِي الْكَلَام على الْكَلِمَة بكمالها فَكَمَا أجمعنا على أَن اخْتِلَاف تِلْكَ الْأَلْفَاظ غير مَانع من ثُبُوت الحكم اتِّفَاقًا وَهُوَ الظَّن بِثُبُوت الْأَمر الْمُوجب للحد فَكَذَا اخْتِلَاف أَلْفَاظ السَّبْعَة فِيمَا ذكر غير مَانع من ثُبُوت الحكم اتِّفَاقًا وَهُوَ ثُبُوت الْعلم بهَا كثبوت الْمَحْكُوم لَهُ بالتواتر الْوَجْه الثَّالِث أَنا لَو سلمنَا عدم نهوض هذَيْن الْوَجْهَيْنِ فِيمَا ذَكرْنَاهُ كَانَ أقل حَالهمَا أَنَّهُمَا شبهتان يمنعان من الْعلم بِأَن عدم تَوَاتر وُجُوه القراآت يُوجب كَون عدم تَوَاتر الْقُرْآن جملَة ضَرُورِيًّا من الدّين وجهلي مَا لَيْسَ ضَرُورِيًّا من الدّين لَيْسَ كفرا بِحَال (وَسُئِلَ) نفع الله بِهِ هَل فِي تَفْسِير ابْن عَطِيَّة اعتزال (فَأجَاب) بقوله نعم فِيهِ شَيْء كثير حَتَّى قَالَ الإِمَام الْمُحَقق ابْن عَرَفَة الْمَالِكِي يخثى على الْمُبْتَدِئ مِنْهُ أَكثر مَا يخَاف عَلَيْهِ من كشاف الزَّمَخْشَرِيّ لِأَن الزَّمَخْشَرِيّ لما علمت النَّاس مِنْهُ أَنه مُبْتَدع تخوفوا مِنْهُ واشتهر أمره بَين النَّاس بِمَا فِيهِ من الاعتزال وَمُخَالفَة الصَّوَاب وَأَكْثرُوا من تبديعه وتضليله وتقبيحه وتجهيله وَابْن عَطِيَّة سني لَكِن لَا يزَال يدْخل من كَلَام بعض الْمُعْتَزلَة مَا هُوَ من اعتزاله فِي التَّفْسِير ثمَّ يقره وَلَا يُنَبه عَلَيْهِ ويعتقد أَنه من أهل السّنة وَأَن مَا ذكره من مَذْهَبهم الْجَارِي على أصولهم وَلَيْسَ الْأَمر كَذَلِك فَكَانَ ضَرَر تَفْسِير ابْن عَطِيَّة أَشد وَأعظم على النَّاس من ضَرَر الْكَشَّاف (وَسُئِلَ) نفع الله بِهِ بِمَا لَفظه مَا معنى مَا جَاءَ من حفظ ثلث الْقُرْآن أعْطى ثلث النُّبُوَّة (فَأجَاب) رَضِي عَنهُ بقوله حمل على أَن مَعْنَاهُ أعْطى علم ثلث النُّبُوَّة على حد {واسئل الْقرْيَة} أَي أَهلهَا وَقَوله - صلى الله عليه وسلم - عَن أحد هَذَا جبل يحبنا ونحبه أَي يحبنا أَهله وَنحن نحب أَهله وَقد أنزل الْقُرْآن تبيانا لكل شَيْء فَمن حفظه وَعلم أَحْكَامه من خاصه وعامه ومجمله وناسخه ومنسوخه ولحنه وفحواه وَمَعْنَاهُ والاستنباط مِنْهُ فقد أُوتِيَ علم النُّبُوَّة وَقَلِيل مَا هم وَهَذَا هُوَ المُرَاد بِخَبَر من حفظ الْقُرْآن فقد أدرجت النُّبُوَّة بَين جَنْبَيْهِ إِلَّا أَنه لَا يُوحى إِلَيْهِ وَمن حفظ بعضه أُوتى بِقَدرِهِ حقق الله لنا حفظ كُله بِالْمَعْنَى الْمَذْكُور بمنه وكرمة آمين (وَسُئِلَ) نفعنا الله بِهِ عَمَّن يجمع آيَات من الْقُرْآن ثمَّ يَقْرَأها كَمَا نَقْرَأ السُّورَة هَل يكره (فَأجَاب) بقوله أفتى الْعِزّ بن عبد السَّلَام فِي جَمِيع آيَات التهليل كَذَلِك بِأَنَّهُ إِن قصد بهَا الْقُرْآن ورتبها على السُّور لم يكره وَإِن نكسها كره بل إِن كَانَ التنكيس فِي آيَات سُورَة وَاحِدَة حرم وَإِن وَقع التنكيس فِي سُورَة فِي الصَّلَاة أَو غَيرهَا كره مَا لم يقْصد الذّكر الْمُجَرّد عَن الْقِرَاءَة لكنه من أَحْدَاث الْعَوام وَإِنَّمَا حرم تنكيس آيَات السُّورَة الْوَاحِدَة وَحكى بَعضهم الْإِجْمَاع عَلَيْهِ لإجماعهم على أَن تَرْتِيب آيَات كل سُورَة معْجزَة وَأَن النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - هُوَ الْفَاعِل لَهُ بِخِلَاف تَرْتِيب السُّور فَإِنَّهُ مُخْتَلف فِيهِ أهوَ فعله - صلى الله عليه وسلم - أَو فعل الصَّحَابَة بعد باجتهادهم وَالأَصَح الأول لَكِن لشُبْهَة الْخلاف لم نقل بحرمته وَحكى القَاضِي عِيَاض أَنه لَا خلاف فِي جَوَازه قَالَ بَعضهم وَظَاهر هَذَا أَنه لَو قَرَأَ الْقُرْآن على ترتيبه الأول فَالْأول لم يكره وَإِن لم يوال بَين السُّور كَمَا فِي الْمُصحف وَقد ذكر ذَلِك أَبُو طَالب الْمَكِّيّ فِي قوت الْقُلُوب وَالْغَزالِيّ فِي الْإِحْيَاء وَهُوَ أَن يقْرَأ حزبا من الْقُرْآن فِي كل يَوْم عِنْد السحر ثمَّ يقْرَأ سُورَة يس ثمَّ الدُّخان ثمَّ الْوَاقِعَة ثمَّ الْحَشْر ثمَّ تبَارك الْملك ثمَّ المسبعات وَذكر فِيهَا فضلا كثيرا وَمِنْهَا الْفَاتِحَة والمعوذتان وَالْإِخْلَاص والكافرون سبع مَرَّات وَكَذَلِكَ أذكار وأدعية تطلب من الْكِتَابَيْنِ أهـ (وَسُئِلَ) رَضِي الله عَنهُ عَن قَوْله تَعَالَى حِكَايَة عَن مُوسَى - صلى الله عليه وسلم - {وَإِذ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لن نصبر على طَعَام وَاحِد فَادع لنا رَبك} إِلَى قَوْله {أتستبدلون} قد يُقَال أَن الْجَواب غير مُطَابق للسؤال لأَنهم طلبُوا من مُوسَى - صلى الله عليه وسلم - أَن يسْأَل لَهُم الله أَن يخرج لَهُم مَا هُوَ مَذْكُور فِي الْآيَة مَعَ احْتِمَال بَقَاء مَا كَانُوا يتناولونه أَولا من الْمَنّ والسلوى وَالتَّعْبِير بالاستبدال مُقْتَض لأَنهم سَأَلُوا رفع ذَلِك بِالْكُلِّيَّةِ وَذَلِكَ خلاف مَا حكى عَنْهُم من ذَلِك الِاحْتِمَال وَعَن قَوْله تَعَالَى فِي سُورَة الْجُمُعَة {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا نُودي للصَّلَاة من يَوْم الْجُمُعَة} مَا الْحِكْمَة

<<  <   >  >>