للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

كَابْن رزين بِأَن تَشْدِيد الرَّاء من أكبر فِي تَحْرِيم الصَّلَاة مُبْطل لَهَا ورده ابْن الْعِمَاد وَغَيره بِأَن الَّذِي تَقْتَضِيه اللُّغَة خِلَافه لِأَن الرَّاء حرف تَكْرِير فزيادته لَا تغير الْمَعْنى وَهُوَ مُتَّجه انْتهى فقولك وَهُوَ مُتَّجه منَاف لما فِي السُّؤَال عَن ابْن الْجَزرِي فِي تَكْرِير الرَّاء من أَنه حرَام قلت هَذَا لَا يُنَافِي مَا قَدمته لِأَن الْكَلَام هُنَا بَين الْأَئِمَّة لَيْسَ فِي الْحُرْمَة وَعدمهَا إِذْ لَا قُرْآن وَإِنَّمَا الْخلاف بَينهم إِن هَذَا مغير للمعنى أَو لَا وَالْمُعْتَمد أَنه غير مغير للمعنى وَمَعَ ذَلِك نقُول فِي نَظِيره من الْقُرْآن بِالْحُرْمَةِ وَلَا نَنْظُر فِي حُرْمَة مُخَالفَة مَا أَجمعُوا عَلَيْهِ من وُجُوه الْأَدَاء إِلَى تَغْيِير معنى وَلَا إِلَى عَدمه إِلَّا إِلَى كَونه مُخَالفا للْقِرَاءَة الْوَارِدَة عَنهُ - صلى الله عليه وسلم - يَقِينا وَالْقِرَاءَة سنة متبعة فَإِن قلت مَا مرادك بِالْإِجْمَاع الَّذِي ذكرته هَل هُوَ إِجْمَاع الْقُرَّاء السَّبْعَة فَقَط أَو مَعَ بَقِيَّة الْعشْرَة أَو مَعَ بَقِيَّة الْأَرْبَعَة عشر قلت هَذَا يَنْبَنِي على المُرَاد بالشاذ الَّذِي يحرم قِرَاءَته فَعِنْدَ الشَّيْخَيْنِ أَنه مَا وَرَاء السَّبْعَة فَعَلَيهِ المُرَاد إِجْمَاع السَّبْعَة فَمن قَرَأَ بِوَجْه مُخَالف لإجماعهم وَحرم وَإِلَّا فَلَا فَإِن قلت كَيفَ سَاغَ لمثل شيخ الْإِسْلَام والقراء الزين الْأنْصَارِيّ حمل الْوُجُوب فِي كَلَام ابْن الْجَزرِي فِي الْمُقدمَة على الصناعي كَمَا مر مَعَ تصريحه فِي غَيرهَا بالشرعي كَمَا فِي السُّؤَال بل ورد أَن تَركه مفسق وَأَيْضًا كَيفَ سَاغَ ذَلِك التَّفْصِيل الَّذِي قَدمته مَعَ أَن ظَاهر عِبَارَته المنقولة فِي السُّؤَال أَنه لَا فرق فِي وجوب ذَلِك شرعا بَين الْخَفي وَالظَّاهِر الْمجمع عَلَيْهِ والمختلف فِيهِ قلت ابْن الْجَزرِي وَإِن كَانَ إِمَّا مَاذَا فنون عديدة إِلَّا أَن الَّذِي غلب عَلَيْهِ فن القراآت وَمن غلب عَلَيْهِ فن يرجع إِلَيْهِ فِيهِ دون غَيره فَهُوَ رَحمَه الله وَإِن صرح بِأَن الْوُجُوب شَرْعِي وَأَن تَركه مفسق لَا يرجع إِلَيْهِ فِي ذَلِك لِأَن هَذَا من مَبْحَث الْفُقَهَاء وَهُوَ لم يشْتَهر بالفقه اشتهاره بذلك فَذَلِك مِنْهُ إِنَّمَا هُوَ بِحَسب مَا ظهر لَهُ وَوقر عِنْده من رِعَايَة تِلْكَ الرسوم لعلمه الَّذِي غلب عَلَيْهِ وَكَانَ ذَلِك مِنْهُ بِمَنْزِلَة الاختيارات الَّتِي لَا يعْمل بهَا فِي الْمَذْهَب فَوَجَبَ الرُّجُوع لما دلّ عَلَيْهِ كَلَام أهل الْمَذْهَب وَهُوَ إِطْلَاق عدم الْوُجُوب الشَّرْعِيّ كَمَا دلّ عَلَيْهِ كَلَامهم فِي مَوَاضِع قدمتها وَإِن قدمت الْجَواب عَنْهَا أَيْضا وَتلك لَعَلَّهَا مُسْتَند إِطْلَاق شَيخنَا وَغَيره أَن الْوُجُوب صناعي وَأما التَّفْصِيل الَّذِي قَدمته فاستنبطته من كَلَامهم الظَّاهِر أَو الصَّرِيح فِيهِ كَمَا مر وَاضحا مَبْسُوطا وَأما إِطْلَاق ابْن الْجَزرِي السَّابِق فَلم نر فِي كَلَامهم مَا يدل لَهُ فَمن ثمَّ سَاغَ لشَيْخِنَا مُخَالفَته مُطلقًا كَمَا يعرف بتأمله فَإِن قلت كَيفَ سَاغَ لَهُ أَن يَجْعَل مُخَالفَة الْوَاجِب فسقا وَهَذَا لَيْسَ إِطْلَاقه من اصْطِلَاح الْفُقَهَاء وَلَا الْأُصُولِيِّينَ إِذْ الْفسق إِنَّمَا يتَحَقَّق بارتكاب الْكَبِيرَة لَا بِمُطلق مُخَالفَة الْوَاجِب لِأَن مُخَالفَته تَنْقَسِم إِلَى صَغِيرَة وكبيرة قلت أما قصد بذلك التَّغْلِيظ فَحسب تحريضا للنَّاس على التجويد والاعتناء بِهِ لفرط تساهلهم فِيهِ أَو الْحَقِيقَة وَيكون أَخذ كَون ذَلِك كَبِيرَة لَهُ فِيهِ ملحظ مَا وَإِن كَانَ بصدد الْمَنْع وَقد أَشَارَ ابْن الْجَزرِي إِلَى نَحْو مَا ذكرته آخر كَلَامه الَّذِي فِي السُّؤَال ثمَّ رَأَيْت الْحَافِظ الْجلَال السُّيُوطِيّ نقل عَن ابْن الْجَزرِي نَفسه مَا يُؤَيّد ذَلِك أَي مَا قَالَه شَيخنَا حَيْثُ قَالَ فِي إتقانه قَوْلهم لَا يجوز الْوَقْف على الْمُضَاف دون الْمُضَاف إِلَيْهِ وَلَا كَذَلِك قَالَ ابْن الْجَزرِي إِنَّمَا يُرِيدُونَ بِهِ الْجَوَاز الأدائي وَهُوَ الَّذِي يحسن فِي الْقِرَاءَة ويرق فِي التِّلَاوَة وَلَا يُرِيدُونَ بذلك أَنه حرَام وَلَا مَكْرُوه إِلَّا أَن يُرِيد بذلك تَحْرِيف الْقُرْآن وَخلاف الَّذِي أَرَادَ الله فَإِنَّهُ يكفر فضلا عَن أَن يَأْثَم فَإِن قلت كَيفَ سَاغَ لِابْنِ الْجَزرِي حمل الْجَوَاز وقصره على الصناعي مَعَ مَا ذكر عَنهُ فِي السُّؤَال قلت لَهُ أَن يفرق بِأَن الْوَقْف لم يرد لَهُ ضَابِط عَنهُ - صلى الله عليه وسلم - وَلَا نقل فِيهِ شَيْء توقيفي فأدير الْأَمر فِيهِ على مَا لَا يخل بِالْمَعْنَى فَأَما وُجُوه الْأَدَاء فوردت بل تَوَاتَرَتْ على مَا فِيهَا من كَلَام الْأُصُولِيِّينَ عَنهُ - صلى الله عليه وسلم - فساغ لَهُ أَن يَجْعَل الْوُجُوب فِيهَا شَرْعِيًّا وَلم يكن بَين كلاميه تنَاقض فَإِن قلت قد مر عَن شرح الْمُهَذّب الْحُرْمَة فِي الْوَقْف فِي نستعين وَلَيْسَ المُرَاد بهَا إِلَّا الْحُرْمَة الشَّرْعِيَّة فَكيف سَاغَ لِابْنِ الْجَزرِي حمل كَلَامهم فِي الْوَقْف على الْأَمر الصناعي دون الشَّرْعِيّ قلت كَلَامه فِي غير مَا فِيهِ كَلَام شرح الْمُهَذّب لِأَنَّهُ فِي الْوَقْف على إِحْدَى جزأي كلمة وَكَلَام ابْن الْجَزرِي فِي الْوَقْف على كلمة لَكِن لَا يتم مَعْنَاهَا إِلَّا بِمَا بعْدهَا وَيفرق بَينهمَا بِأَن الأول فِيهِ تَغْيِير للمعنى أَو النّظم الْمَعْرُوف بِخِلَاف الثَّانِي فَتَأَمّله وَالله سُبْحَانَهُ الْمُوفق للصَّوَاب (وَسُئِلَ) نفع الله بِعُلُومِهِ عَمَّا صورته سَأَلَ الْعِزّ بن عبد السَّلَام رَحمَه الله تَعَالَى فِي أَمَالِيهِ عَن نُكْتَة قَوْله تَعَالَى (وَإِذا قيل لَهُم لَا تفسدوا فِي الأَرْض

<<  <   >  >>