للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ففي هذا الحديث نلمس عظمة الرسول صلى الله عليه وسلم، وحسن تعليمه وتعامله في هذا الموقف. فهذا شاب يعلم ماذا يعني (الزنا) ولذلك قال يا رسول الله ائذن لي بالزنا! ولا يخفى موقف الصحابة وغيرتهم الشديدة على دين الله رضي الله عنهم وأرضاهم، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يعامل ذلك الشاب بالزجر كما فعل الصحابة رضوان الله عليهم، ولا قال له إن الله حرم الزنا ورتب على ذلك وعيداً شديداً، كل ذلك لم يفعله صلى الله عليه وسلم لأن هذه الأمور مستقرة لدى الشاب ومعلومة لديه. إذاً، كان العلاج النبوي بالمحاورة والإقناع العقلي هو أنجح وسيلة لمثل هذه الحالة، فتأمل هذه الوسيلة في التعليم يتبين لك عظمة المعلم الأول صلى الله عليه وسلم

٢- أورد البخاري في صحيحه (١) عن أبي هريرة رضي الله عنه «أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ولد لي غلام أسود، فقال هل لك من إبل؟ قال نعم، قال ما ألوانها؟ قال حمر (٢) قال: هل فيها من أورق؟ قال نعم، قال فأنى (٣) ذلك؟ قال نزعه عرق (٤) قال: فلعل ابنك هذا نزعه» .


(١) في كتاب الطلاق / ومسلم في اللعان / وأحمد في باقي مسند المكثرين / الترمذي في الولاء والهبه / والنسائي في الطلاق / وأبو دادود في الطلاق / وابن ماجه في النكاح.
(٢) قال الحافظ ابن حجر وعند الدارقطني (قال رمك) والأرمك الأبيض إلى حمرة (الفتح ٩ / ٣٥٢)
(٣) قوله: (فأنى ذلك) أي من أين أتاها اللون الذي خالفها، هل هو بسبب فحل من غير لونها طرأ عليها أو لأمر آخر؟ (الفتح ٩ / ٣٥٣)
(٤) قال النووي: والمراد بالعرق هنا الأصل من النسب تشبيها بعرق الثمرة.. ومعنى نزعه أشبهه واجتذبه إليه وأظهر لونه عليه، وأصل النزع الجذب فإنه جذبه إليه لشبهه، يقال منه نزع الولد لأبيه وإلى أبيه ونزعه أبوه ونزعه إليه (صحيح مسلم بشرح النووي حديث ١٥٠٠)

<<  <   >  >>