للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهذا الرجل أو الأعرابي (١) جاء سائلاً مستفتياً مستنكراً أن يأتيه ولد أسود على خلاف لونه ولون أمه، فبين له الرسول صلى الله عليه وسلم بأسلوب عقلي (٢) سهل وميسور، وحاوره وضرب له مثالاً من بعض ما يملكه هذا الأعرابي ليكون أقرب إلى فهمه، حيث سأله عن إبله وهل يأتي منها ما هو مخالف لأبويه في الشكل والصفة، فقال نعم: عندئذ أخبره النبي صلى الله عليه وسلم أن ذلك حاصل في البشر أيضاً. فانظر رعاك الله كيف حاوره النبي صلى الله عليه وسلم وقرره بأسلوب عقلي بسيط وواضح. ولقد كان من الممكن أن يخبره النبي صلى الله عليه وسلم أن هذا ابنه، وهذا بحد ذاته كاف، لأنه لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، ولكن لما علم الرسول صلى الله عليه وسلم حال الأعرابي وجهله، أراد أن يبين له الأمر حتى تطمئن نفسه ويرتاح فؤاده، ولعل النبي صلى الله عليه وسلم أراد بهذا التقرير أن يكون ذلك حكماً عاماً لذلك الأعرابي ولمن خلفه (٣) والله أعلم.


(١) ساق البخاري في كتاب الاعتصام بالسنة.. عن أبي هريرة أن أعرابياً.. الحديث.
(٢) يستدل الفقهاء بهذا الحديث وغيره على إثبات القياس والرد على من أنكره. أنظر فتح الباري كتاب الاعتصام (حديث٧٣١٤) .
(٣) هذه القصة ترشد كل من جاءه ولد تختلف أوصافه عن أوصاف والديه، بأن لا يتعجل ويصدر حكماً على زوجه بالزنا، بل عليه أن يحسن الظن، والأصل البراءة إلا بينة والله أعلم.

<<  <   >  >>