للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وربنا عز وجل هو الذي امتدحه بذلك {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} وكانت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها تقول: «كان خلقه القرآن» (١) . وتعال معنا لنرى ذلك الموقف الذي يرويه «أنس بن مالك:

٢-قال: (كنت أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم، وعليه برد نجراني غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي فجبذه بردائه جبذة شديدة، حتى نظرت إلى صفحة عاتق رسول الله قد أثرت بها حاشية البرد من شدة جبذته، قال: يا محمد، مر لي من مال الله الذي عندك، فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ضحك ثم أمر له بعطاء» (٢) .

ما أعظم ذلك الخلق الرفيع الذي امتاز به النبي صلى الله عليه وسلم، كان في مقدوره أن يؤدب ذلك الأعرابي على صنيعه، ولكن لم تكن تلك من شيم ولا أخلاق المعلم الأول صلى الله عليه وسلم، كيف يفعل ذلك وهو الذي قال:

«من كظم غيظاً وهو يقدر أن ينفذه دعاه الله على رءوس الخلائق يوم القيامة، حتى يخيره في أي الحور العين شاء» (٣) .


(١) رواه الإمام أحمد في باقي مسند الأنصار.
(٢) متفق عليه.
(٣) رواه أحمد وابن ماجه، والترمذي وقال هذا حديث غريب، وأبو داود برقم (٣٩٩٧-٤٧٧٧) وقال الألباني: حسن.

<<  <   >  >>