أيحسن أن يكون خليفة غيره؟ لا يحسن له أن يتقدم بين يدي آحاد رعيته في أعظم شعائر الدين من الصلوات الخمس والجماعات والأعياد، فإن كانت الخلافة جباية الأموال وما هو دون ذلك فبئس بها. وأي شيء استفاده الصديق من عقد البيعة سوى أن ولاه المسلمون جباية الزكاة وصرفها في مصارفها. وهل كسب الصديق بولايته كنوز الأموال أو تنعم بالملابس الفاخرة أو اتخذ العبيد والخول أو شيد القصور وزخرفها. وإذا لم يكن شيء من ذلك فأي شيء عمله على الظلم والعدوان وخسران الآخرة والأولى بزعم أعداء الله تعالى، {ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم}.
وقد كان فضله في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مشهورا بين الصحابة يعلمه الخاص والعام، ولا يداخل أحد منهم شك ولا ريب في أنه أقدم الخليقة منزلة عنده، ولله در حسان حيث يقول مخاطبا للنبي - صلى الله عليه وسلم -، ويمدح أبا بكر بعد أن استدعى منه النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك فقال:
إذا تذكرت شجوا من أخي ثقة ... فاذكر أخاك أبا بكر بما فعلا
التالي الثاني المحمود سيرته ... وأول الناس طرا صدق الرسلا
وكان حب رسول الله قد علموا ... من البرية لم يعدل به رجلا
وعن ابن عمر رضي الله عنهما: كنا في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -