ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله} على وفق أرائهم الفاسدة {والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب}. {أفمن كان على بينة من ربه كمن زين له سوء عمله واتبعوا أهواءهم}{فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم. أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم}. {أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها. إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم وأملى لهم. ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الأمر والله يعلم إسرارهم. فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم. ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم}. وأي سخط أعظم ممن يعتقد رأيا يؤدي إلى تكذيب الله تعالى وتكذيب رسوله وتكذيب أصحابه والتابعين لهم إلى يوم الدين وتخطئة علي وابن عباس وأتباعهما من سادة أهل البيت بموالاتهم الصحابة ونسبتهم إلى خذلان دين الله بتركهم بذل أنفسهم في نصرة الله ورسوله، إلى غير ذلك من الآثار القبيحة والفضائح الشنيعة، قبح الله معتقديها الذين استحبوا العمى على الهدى، وأذاقهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون.
يا عجبا أي عقل أو نقل يقضي أن يرتكب مثل ذلك بمجرد احتمال قام الإجماع على أنه غير مراد. مع أنا لو وجدنا ألف آية في كتاب الله وألف حديث يتواتر في سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - متطابقة على الأمر بتولية علي بعد النبي، ثم وجدنا الإجماع منعقد من الصحابة ومن علي أيضا على أن الصديق أولى بالخلافة على تصويب ما فعلوه، كانت القواعد المقررة والأصول المحررة المتفق عليه بين أئمة الدين تقتضي إما حمل تلك النصوص كلها على النسخ ويمحو الله ما يشاء ويثبت، وإما على التأويل اللائق المؤدي إلى الجمع بينها وبين ما أجمعوا عليه؛ ولم يداخلنا شك في أنهم إنما امتثلوا بما أجمعوا عليه أمر الله تعالى ولم يتعدوا حكم الله. لأنا إن لم نعتقد ذلك لزمنا اعتقاد بطلان الكتاب كله