مراده بذلك تولية الخلافة بعده وهارون المشبه به مات قبل موسى عليهما السلام، وإنما خلفه فتاه وصاحبه في سفره يوشع الذي هو بمنزلة الصديق، {ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا}، فصح أن عليا في تلك المرة بمنزلة هارون من موسى، وأبو بكر بمنزلة فتى موسى من موسى في توليه الخلافة.
وفائدة جمع المسلمين وإشهادهم على ما في بعض طرق الحديث من قوله «ألستم تعلمون أني أولى بكل مؤمن في نفسه» إلى آخره، إخبارهم بأن عليا كان خليفة بما ولاه عليه من أمر السرية بل ومتأهل التولية أمر الأمة بعده أيام خلافته التي وقعت لا سيما وقد شكوا منه. فأراد التنبيه على جلالة قدره وتعريفهم بأنه سيولى أمرهم ليتمرنوا على اعتقاد طاعته وينوطوا به الآمال إذا توقعوها كائنة وليحذرهم من مخالفته والخروج عليه لما أطلعه الله من أنهم لا يجتمعون عليه لتكون إقامة الحجة على من يعمل خلافه يومئذ. ولو كان المراد ما زعمه الخصم للزم منه ما يترتب عليه من المقاصد السابقة، فوجب العدول عنه عقلا ونقلا.