ولم تؤاخ بيني وبين أحد، فالسياق يدل على وقوع القول وجوبا تطييبا لقلبه مع أنه حق في نفسه، والأخوة هنا أخوة الإسلام، واختصاص علي بها في هذا المقام فضيلة هو لها أهل. ولكن إذا قوبلت هذه الفضيلة بفضيلة الصديق التي أثبتها له - صلى الله عليه وسلم - ابتداء بقوله وهو على المنبر قبل أن يموت بأيام قلائل في مرضه الذي مات فيه وقد خرج عاصبا رأسه بخرقة فقعد على المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:«أيها الناس إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل، وإن الله قد اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا، ولو كنت متخذا من أمتي خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا، ولكنه أخي وصاحبي»، وفي رواية:«ألا إني أبرأ إلى كل خل من خلته» أخرجه البخاري ومسلم والترمذي مع اختلاف في بعض الألفاظ. واتفقوا على قوله «لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا، ولكن أخي وصاحبي» ظهر لك أن الله يمن على من يشاء من عباده، ويختص برحمته من يشاء، والله ذو الفضل العظيم، وأين قوة السند من السند، والمتن من المتن، والفضيلة من الفضيلة، والقول المبتدأ من القول المستدعى {وكلا وعد الله الحسنى، والله بما تعملون خبير}.