في طغيانهم يعمهون} {ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله ولكن أكثرهم يجهلون}.
وأما ما اجترأ عليه عدو الله من القدح في الثلاثة الخلفاء رضي الله عنهم فقد علمت مما سبق أن القدح فيهم خاصة وفي سائر الصحابة عامة يؤدي إلى الكفر الصريح الذي ليس بعده كفر، فاتخذ ذلك أصلا لترد به تزويرات أهل الأباطيل، وتحمل به ما صح وثبت على أجمل المحامل وأحسن التأويل. وكان الأولى بنا أن لا نلوث كتابنا بما ألقاه، ويجعل لهم أسوة بما قد افتراه أعداء الله على الله:
قد قيل إن الإله ذو ولد ... وأن هذا الرسول قد كهنا
فما سلم الله من بريته ... ولا رسوله فكيف أنا
لكن رأينا أن نكافئه عنهم بسوء فعله ونكشف الغطاء عما غره من قبيح جهله بنكت نشير إلى الجواب وتهدي إلى جادة الصواب.
أما قوله: إن عليا رضي الله عنه قد استنقذ أم ابنه محمد بن الحنفية من يد أبي بكر إذ كان لا يجوز لأبي بكر سبيها؛ فهذه العبارة الخشنة من أين لفقها وعمن تلقفها، أم من هواه اختلقها أم من مخارق أهل مذهبه الفاسد اخترقها؟ بل المحمل الصحيح في ذلك أن أبا بكر رضي الله عنه رأى جواز سبي نساء أهل الردة قياسا على الكفار الأصليين فوافقه الصحابة يومئذ على ذلك، وهي مسألة اجتهادية للاحتمال فيها مجال، ثم ترجح بعد ذلك للصحابة الفرق بين الكافر الأصلي وبين المرتد فلا تسبى ذراري المرتدين، وكانت أم محمد بن الحنفية من السبي.