وقوله:«حبل ممدود من السماء إلى الأرض»، ووجه التشبيه بينهما أن من وقع في بئر أو مهواة فسبيل نجاته وإنقاذه أن يدلى له حبل من أعلى يتمسك به فيرتفع، وكان الناس لما كانوا قبل نزول القرآن واقعين في مهواة الهلاك من الكفر والضلال المفضي بهم إلى خسران الدنيا والآخرة، وبعد نزوله واقعين في مهواة طبائعهم مشغولين بشهوات أنفسهم معرضين عما يهمهم من أمر آخرتهم المفضية إلى الانحطاط عن الرتبة العلية الفاخرة، ثم أنزل الله سبحانه كتابه الذي بصربه بعد العمى، وهدى به بعد الضلال، وأحيا به القلوب بعد موتها، واستنقذ به النفوس من أسر شهواتها، رفعهم بذلك من تلك المهواة المهلكة إلى سواء طريق النجاة الموصلة إلى الفوز العظيم والنعيم المقيم، وقد قال الله تعالى فيمن وقع في مهواة شهواته الدنية وانحط عن رتبة الهمة العلية {ولو شئنا لرفعناه بها} أي بآياتنا إلى منازل الأبرار ومراتب العلماء الأخيار {ولكنه أخلد إلى الأرض} أي مال إلى الدنيا، ولما كانت الأرض سفلا للسماء المرفوعة عبر باستفال درجته عن الأرض السافلة بعد تعبيره عن علو درجته بالرفعة {واتبع هواه} ولم يتبع مقتضى آيات الله فحق عليه ما حق من الخسران والعياذ بالله.
وقوله:«وعترتي أهل بيتي» عترة الرجل بكسر العين المهملة وسكون التاء المثناة من فوق تطلق على عشيرته الأقربين والأبعدين، ولهذا قيده هنا بقوله أهل بيتي ليبين أنه أراد بذلك أهل بيته الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وهم عند الجمهور من حرم عليه الصدقة من بني هاشم والمطلب ابني عبد مناف.