عندما نتتبع تاريخ الفقه والقضاء والفتيا في الإسلام، وفي القرون التي كانت فيها الشريعة هي المرجعية العليا للدول والممالك الإسلامية على وجه الخصوص، فإننا لا نجد مسوغًا ولا برهانًا واقعيًا يشير إلى أن السلاطين كانوا يتدخلون في الصناعة الفقهية ذاتها. ومما يدعو إلى العجب أن الكثير ممن يرسلون الأحكام ويقفزون إلى النتائج يرددون هذا الكلام بوعي أو بغير وعي دون أن يقدموا برهانًا يسوغ مثل هذه الأحكام الخطيرة الجائرة.
فمن جهة المدارس فإن معظم المدارس في تاريخ المسلمين كانت مدارس خيرية أهلية ليست مرتبطة بإرادة سياسية، خلافًا لما جرى عليه الحال بعد نشأة الدول الحديثة، وكان اختيار المدرسين تأهيلهم وتنظيم أرزاقهم يتم بتنظيم أهلي خيري أو وقفي لا علاقة له بالسياسي. وربما طمح بعض الملوك والوزراء الذين اشتهروا بمحبة العلم أو غيرهم إلى دعم هذه المدارس، غير أنه