للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

رسمي (١). بل إن من العلماء من فسَّر ترك طائفة من أكابر الفقهاء التصريح باعتبار دليل المصلحة مع اعتبارهم كلهم له بأنه كان (خوفًا من اتخاذ أئمة الجور إياه حجة لاتباع أهوائهم وإرضاء استبدادهم في أموال الناس ودمائهم، فرأوا أن يتقوا ذلك بإرجاع جميع الأحكام إلى النصوص ولو بضرب من الأقيسة الخفية، فجعلوا مسألة المصالح المرسلة من أدق مسالك العلة في القياس ولم ينوطوها باجتهاد الأمراء والحكام) (٢).

وهذا الذي تقدم بيانه لا يعني بطبيعة الحال أنه لم يجر استغلال لبعض الفقهاء وفتاويهم وأقضيتهم من قبل بعض الخلفاء أو السلاطين والملوك، بل إن حصول مثل هذا مستفيض مشهور، بل ربما غلب على بعض الملوك والدول، لكنه لم يكن غالبًا في تاريخ المسلمين بمجموع دولهم وممالكهم التي كانت تتخذ من الشريعة مرجعيتها العليا ومصدر مشروعيتها، حتى تبدل الحال في العصور الحديثة عندما أخذت المبادئ العلمانية والقوانين الوضعية بالتسلل إلى بلاد المسلمين فآل الحال إلى ما قد عُلم (٣).


(١) انظر على سبيل المثال: الحياة العلمية والاجتماعية في مكة في القرنين السابع والثامن للهجرة، طرفة العبيكان (٩٢)، المدارس العتيقة بالمغرب، د. جميل حمداوي (بحث منشور على الشبكة العالمية بموقع دروب).
(٢) تفسير المنار، رشيد رضا (٧/ ١٩٧)، وانظر: تعليل الأحكام، د. محمد مصطفى شلبي (؟؟ /٣٨٢).
(٣) انظر: العلاقة بين السلطة السياسية والفقهية، مصطفى أبو عمشة، مقال في موقع (المركز العربي للدراسات والأبحاث) على الشبكة العالمية.

<<  <   >  >>