للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وعوائدهم، ويؤكدون أن معرفة واقعهم شرط من شروط الإفتاء.

ويمكن شرح ذلك والتمثيل له من خلال كلام فقيه من فقهاء المالكية أفاض في بيان أهمية دخول الفقهاء للأسواق وممارستهم لها ومعرفتهم بما يدور فيها؛ لان إصلاح أحوال الناس لا يتأتى إلا بالمخالطة. فنجد الفقيه المالكي أبا عبد الله ابن الحاج (ت ٧٣٧ هـ) ينبه في كتابه ((المدخل)) أنه لا ينبغي للفقيه الذي يبحث في مسائل البيوع والأحكام في الربويات وغير ذلك في الدروس ويستدل ويجيز ويمنع ويكره، أن يخرج من درسه ليستعمل في قضاء حاجته من السوق صبيًا صغيرًا أو غيره ممن لا علم له بالأحكام الشرعية، مع ما قد عُلم من جهل أكثر البياعين بالأحكام الشرعية، ومن اشتمال السوق على مفاسد وأشياء لا يجوز شراؤها جملة، وسبب وجود هذه المفاسد ترك السؤال من العامة من جهة، وترك تفقد العلماء بالتنبيه على هذه المفاسد عند مبدأ أمرها من الجهة الأخرى، فاستحكمت المفاسد ومضت عليها العوائد الرديئة (١). ثم يقول بعد ذكر أمثلة لتفقد العلماء وسؤالهم: (فانظر رحمنا الله تعالى وإياك إلى بركة تفقد العلماء للحوادث التي تحدث في زمانهم كيف يتلقونها بهذا التلقي الحسن الجميل، فلو بقي العلماء على طرف من ذلك لكانت هذه المواد تنحسم أو يقل فاعلها، ولكن السكوت من العلماء وعدم السؤال من العامة لهم أوجب ذلك وصار متزايدًا وفقنا الله لمرضاته...


(١) انظر: المدخل، ابن الحاج (٢/ ٦٨ - ٧١).

<<  <   >  >>