للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قال الحافظ ابن رجب (ت ٧٩٥ هـ) في ترجمة الحافظ عبد الغني المقدسي (ت ٦٠٠ هـ): (سمعت أبا الثناء محمود بن سلامة الحراني بأصبهان قال: كان الحافظ بأصبهان يصطف الناس في السوق فينظرون إليه، وسمعته يقول: لو أقام الحافظ بأصبهان مدة وأراد أن يملكها لملكها؛ يعني: من حبهم له ورغبتهم فيه) (١).

فالفقهاء شديدو الحرص على تحصيل مصالح الناس العامة وحفظها وتقديمها على المصالح الخاصة والشخصية، ولا نكاد نحصي من يذكر في ترجمته أنه كان متصديًا لنفع الناس بعلمه ونصحه وماله وجاهه ووقته، ولأن الفقهاء من الناس فهم موجودن في كافة الطبقات الاجتماعية (٢)، واهتماماتهم متفاوتة وهم مع ذلك يسعون في نفع الناس بما يستطيعون، ولهم مجالس مفتوحة في جوامعهم ومدارسهم وبيوتهم يقصدها الناس في كافة شؤونهم، ومن يستعرض كتب النوازل يجد أن الفقهاء كانوا على وعي بمسؤوليتهم الاجتماعية (٣)، ولذا كان للفقه عند عامة الناس


(١) الذيل على طبقات الحنابلة (٣/ ١٨).
(٢) انظر: مهن الفقهاء في صدر الإسلام وأثرها على الفقه والفقهاء، د. محمد التميم (١٩٠).
(٣) انظر: علماء الإسلام في الماضي قوة حاضرة في جل الأنظمة، إبراهيم حركات، ضمن مجموع ((التاريخ والفقه: أعمال مهداة إلى المرحوم محمد المنوني)) (١٠٠)، وراجع في معرفة شيء من أثر المجالس العلمية للفقهاء: كيف ربى المسلمون أبناءهم، محمد شعبان أيوب (٢٥٧).

<<  <   >  >>