للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

التجريدية بل تراعي الجانب الواقعي عند التنزيل من خلال الالتفات إلى الأصول والمعاني الشرعية التي من شأنها أن تختلف، كاعتبار الحاجة والضرورة والعرف وعموم البلوى ونحوها، ولذا فإن كتب الفتاوى والنوازل أصبحت تعتبر في الكثير من الأحيان من ضمن المصادر التاريخية التي يكشف بها الواقع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي للحقبة التي كتبت فيها (١).

والفقهاء عندما يعايشون الناس ويخالطونهم ويفتونهم ويوجهونهم فهم يعدون ذلك من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالمفهوم يقتضي تعليم الناس وإرشادهم وتفقيههم في دينهم وحثهم على البر والإحسان وقضاء الحوائج والمشاركة الإيجابية الفاعلة في الحياة بوجه عام، أما النهي عن المنكر فيقتضي منهم تنبيههم إلى ما يقعون فيه من خطأ أو ظلم على الصعيد الشخصي أو على الصعيد العام، فكانوا بذلك يمارسون شيئًا أشبه بالتصحيح والنقد الذاتي لحركة المجتمع وإصلاح أحواله، وبذلك أحبهم الناس ونالوا لديهم مكانة كبرى ووجاهة عظمى (٢).


(١) انظر: الاجتهاد بتحقيق المناط وسلطانه في الفقه الإسلامي، عبد الرحمن زايدي (٥٥٨)، فقه النوازل عند المالكية، د. مصطفى الصمدي (٢١٠). وللدكتور صالح العلي بحث في (أهمية كتب الفقه في دراسة التاريخ) نشره في مجلة القضاء العراقية في العدد الثاني لعام (١٩٥٤ م).
(٢) انظر: دور الفقهاء في الحياة السياسية والاجتماعية بالأندلس في عصري الإمارة والخلافة، د. خليل الكبيسي (٢٠٩)، آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي، جمع د. أحمد طالب الإبراهيمي (١/ ٢٨٣).

<<  <   >  >>