للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

إذا سئل عنه لقوله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النحل: ٤٣].

فالجواب أن يقال: إن العالم يتعين عليه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا خفاء في أن ترك السؤال وترك التعليم المنكر البين، فيتعين على العالم أن ينهى عن ذلك وأن ينصح إخوانه المسلمين مع التلطف لهم وامتثال أمر الله تعالى فيهم، ومن جملة ذلك: تعليم جاهلهم والتعليم في الأسواق أكثر بيانًا من غيرها لوجود العلم والعمل معًا؛ لأن العلم الذي يتعلمه البائع إنما هو في الغالب في السلع التي في دكانه والغالب أنه لا ينساه) (١).

وعلى كلٍّ فالفقهاء يؤكدون دومًا على أهمية مراعاة العوائد والأعراف عند تنزيل الأحكام، وعلى عدم الاكتفاء بما هو مدون في كتب الفقه دون اعتبار واقع الناس وحالهم (٢)، ولا بد في هذا السياق من التنبه إلى الفرق بين مدونات الفقه التجريدية وبين مدوناته التطبيقية التي تتمثل في كتب الفتاوى والنوازل والمسائل والأجوبة (٣)، فإن كتب الفتاوى لا تكتفي بذكر الحكم أو القاعدة


(١) انظر: المدخل، ابن الحاج (٢/ ٨١ - ٨٤)، وقد ذكر بعد ذلك قصة شيخ المالكية أبي بكر الطرطوشي وسبب مقامه بمصر، كمثالٍ على الفقيه العامل الذي يخالط الناس ويصبر عليهم، وينشر العلم والفقه فيهم.
(٢) انظر: فقه الواقع وأثره في الاجتهاد، ماهر حصوة (٧٣).
(٣) ومن هذا ما يسميه بعض الفقهاء الفرق بين فقه الفتيا وعلم الفتيا أو فقه القضاء وعلم القضاء، انظر: الأشباه والنظائر، ابن نجيم (٤٦٠).

<<  <   >  >>