للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ومستحب). قال أبو حامد الغزالي (ت ٥٠٥ هـ): (ومعناه: أنهم كانوا ينظرون في دقائق الكراهة والاستحباب فأما الحرام فكان فحشه ظاهرًا) (١).

والعالم الفقيه يسعى بفقهه إلى إصلاح أحوال الناس واهتماماتهم، وتوجيههم إلى معالي الأمور وكبير العزائم، ويصرفهم في أجوبته إلى ما هو أنفع لهم وأليق بهم، ولا يكون متلقيًا سلبيًا في فتاويه وأجوبته، بل يكون فاعلًا إيجابيًا فإن الإسلام يرفض مبدأ سياسة الأمر الواقع بمعناه السلبي (٢)، والفقيه حينما يتعلم العلم فإنه لا يتعلمه ليكون ناطقًا بلسان أحد، وكما أنه لا يسمح للضغوطات السياسية أن تؤثر عليه وتصرفه عن غاية الإصلاح فعليه أن يحذر من الضغوطات الاجتماعية كذلك، فإن الساسة إن كانت لهم ضغوطهم فإن لعامة الناس ضغوطًا قد تحول بين الفقيه وبين تصور حقائق الأمور. وفي الوقت ذاته فإن على الفقيه أن يتفطن لمحاولات إبعاده وعزلته عن عامة الناس الذين هم قاعدة الصلاح والإصلاح تحت أي ذريعة، والكثير ممن هم معزولون عنهم لا يسرهم استئثار الفقيه بالتأثير فيهم وهم غائبون في عوالمهم النظرية التي لا تلامس اهتمامات العامة، وسيأتي مزيد شرح لهذا في موضع لاحق.


(١) إحياء علوم الدين (١/ ٢٩٨).
(٢) انظر: خصائص التشريع الإسلامي، د. فتحي الدريني (١٠٠).

<<  <   >  >>