للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

يتحدث كثير من الكتاب عما يدعونه بـ (الأزمة بين الفقيه والمثقف) أو (القطيعة بين الفقيه والمثقف)، غير أنهم لا يحددون مرادهم بكل من (الفقيه) و (المثقف)، وهذا من الإشكالات المزمنة في السجالات العربية المعاصرة، حيث نجد نقاشات مطولة حول موضوعٍ ما دون تحديد مفاهيمه وضبط اصطلاحاته، أو ما يعبر عنه الفقهاء بـ (تحرير محل النزاع)، مع أن افتعال معركة أو أزمة دون تحديد أطرافها أمر لا يليق أبدًا بأي باحث جاد، ويزداد الأمر سوءًا إذا كان هذا الباحث ينطلق من صورة ملازمة لذهنه فيجعل منها حالة عامة. ولا يمكن في هذا السياق إثبات دعوى القطيعة أو الأزمة إلا بعد تحديد مراد المتكلم بالفقيه والمثقف والأزمة التي يقصدها.

وأول ما يتوجب بحثه هنا هو تحديد معنى اسم (المثقف) ومفهوم (الثقافة) الذي يعاني من هلامية كبيرة في المعنى في البيئة التي كانت فيها نشأته، فضلًا عن بيئات استوردته كمفهوم جاهز (١). ونشأة هذا الاسم لا يمكن عزلها عن صراع السلطات في أوروبا في مطلع ما تسميه أوروبا بالعصور الحديثة، يوم كان في الناس سلطتان غالبتان وهما سلطة الملوك والنبلاء من جهة


(١) انظر: الثقافة بين تأصيل الرؤية الإسلامية واغتراب منظور العلوم الاجتماعية، د. محمد الذوادي (٤٣).

<<  <   >  >>