إصلاح التعليم منوط بأمرين اثنين، أحدهما إعداد المعلم، والثاني تأليف الكتاب، وربما لا يكون من المبالغة القول بأن جودة التآليف وقوتها وفصاحتها وبيانها قد تتدارك من ضعف المعلم ما لا يتداركه المعلم الجيد من ضعف التآليف. فإن قوة الكتاب تجبر المعلم على الارتقاء إلى مستواه، بينما يؤدي ضعف الكتاب إلى ضياع جزء من وقت المعلم الجيد في تصحيحه وتدارك أغلاطه (١).
ومن المفترض أن يقدم بين يدي كل عمل في الإصلاح أن تستبدل مناهج تعليمية جيدة ومناسبة في مضمونها وشكلها بالمناهج التعليمية الرديئة التي يكثر اعتمادها في الكثير من الجامعات والمعاهد الشرعية، فإن الكثير من المناهج التي باتت تعتمد في التدريس في العصور الأخيرة يذهب أكثر وقت الأستاذ والطالب في حل ألفاظها وإدراك محترزاتها، ولو كان هذا الوقت الذاهب يفني في تنمية الملكة الفقهية لهان الخطب، ولكن هذه المؤلفات المنتقدة ضعيفة البيان ركيكة اللغة مختلة التركيب والأساليب، فذهاب الوقت فيها ليس من قبيل ممارسة كتب الفقه المحكمة التي تربي على الاحتراز في العبارة ودقة الصياغة، بل
(١) انظر: أليس الصبح بقريب، ابن عاشور (١٣٨)، وحي الرسالة، أحمد حسن الزيات (٢/ ١٨٥).