للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

المشكلات التي يكثر أن تعاني منها المدارس الشرعية أن يقدم الاهتمام بهذه الكتب على الاهتمام بالعلم ذاته، كأن الكتاب وحي منزل لا محيد عنه ولا يتخرج الفقيه إلا به (١).

ومن آثار هذا الخلل أن الكثير من النتاج الفقهي المعاصر بات مقتصرًا على إعادة دراسة المسائل القديمة والاختيار والترجيح بينها وعرض أدلتها، أو على تحقيق المخطوطات الفقهية، أو دراسة أعلام الفقهاء ودراسة منهجهم وجمع اختياراتهم، أو دراسة أعلام الفقهاء ودراسة منهجهم وجمع اختياراتهم، وأكثر ذلك يتم دون إبداع فقهي حقيقي، بل إننا إذا استثنينا أساليب الصياغة الأكاديمية الشكلية الحديثة فإن أي فقيه في القرن الخامس أو السادس يمكن أن يكتب ما هو أفضل منها استدلالًا وترجيحًا وأكثر انضباطًا وتقعيدًا، مع أن هؤلاء الباحثين لو امتلكوا الملكة والمهارة لكان بمقدورهم الإبداع والتجديد ولو ظلوا في دائرة القديم بما تجدد في الزمان من أدوات وآليات ووسائل يمكن الاستفادة منها (٢).

وقد قال الأبي (ت ٨٢٧ هـ) في شرحه لحديث أبي هريرة رضي الله عنه يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة إلا من صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له)) (٣): (وكان شيخنا أبو عبد الله-يعني: ابن عرفة-يقول:


(١) انظر: المدارس الدينية في باكستان، د. مصباح الله عبد الباقي (٢٣٠).
(٢) انظر: تراثنا الفقهي وضرورة التجديد، عبد الحي عمور (١٨٢)، منهاج تدريس الفقه، د. مصطفى صادقي (٢٦٠).
(٣) صحيح مسلم، كتاب الوصية، باب ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته (١٦٣١).

<<  <   >  >>