للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

المتقدمين لا يعني بحال أن يُكتفى بها عن نوازل العصر وحوادثه، وإنما الغرض اقتفاء طريقتهم في التفقه واكتساب الدربة منها، ومع ذلك فمن الواجب أن تستحدث مؤلفات عصرية مناسبة، ويراعى فيها التدرج الملائم لمستويات الطلبة، وتكون امتدادًا لكتابات الفقهاء المتسلسلة في العصور المتوالية ويستدرك فيها من المسائل والترتيبات الموضوعية ما يتصل به القديم بالحديث والماضي بالحاضر، وتكون جارية على مذاهب منضبطة تخرج بها من حالة الاضطراب والفوضى القائمة في الكثير من المناهج الجامعية المعاصرة (١).

إن الاكتفاء بكتب السابقين في المناهج التعليمية دون تطبيق لقواعد الفقه ومهاراته على النوازل العصرية لا يخرج لنا فقهاء بقدر ما يخرج لنا حفظة نصوص ومتون لا يحسنون تفعيلها، وهؤلاء وأمثالهم ينتقدهم شيخ الإسلام ابن تيمية (ت ٧٢٨ هـ) بأنهم يغلطون إذا لم يجدوا المسألة في مختصراتهم (٢). ويتفاقم الوضع عندما تكون تلك الكتب من الكتب المعضلة المستغلقة (٣). ومن


(١) انظر: أليس الصبح بقريب، ابن عاشور (١٤٩)، تاريخ الإصلاح في الأزهر، عبد المتعال الصعيدي (١٧٢)، التعليم والإرشاد، بدر الدين الحلبي (٤٢)، مقررات فقه القضايا المعاصرة بين الواقع والمأمول، د. عامر بهجت (٥٥)، ومن المهم مطالعة الركائز التي ذكرها د. عامر في الفصل الثاني من هذا البحث لأجل إعداد منهج فقهي عصري مناسب.
(٢) انظر: مجموع فتاوى ابن تيمية (٢٨/ ٤٨٦).
(٣) انظر: التعليم والإرشاد، بدر الدين الحلبي (١٤٠) وما بعدها، ففيها نقد مطول لهذه الظاهرة مع التمثيل لها.

<<  <   >  >>