مؤلفيها، يقول ابن حمدان الحراني الحنبلي (ت ٦٩٥ هت): (اعلم أن أعظم المحاذير في التأليف النقلي إهمال نقل الألفاظ بأعيانها والاكتفاء بنقل المعاني، مع قصور التأمل عن استيعاب مراد المتكلم الأول بلفظه وربما كانت بقية الأسباب متفرعة عنه؛ لأن القطع بحصول مراد المتكلم بكلامه أو الكاتب بكتابته مع ثقة الراوي، يتوقف عليه انتفاء الإضمار والتخصيص والنسخ والتقديم والتأخير والاشتراك والتجوز والتقدير والنقل والمعارض العقلي.
فكل نقل لا نأمن معه حصول بعض الأسباب ولا نقطع بانتفائها نحن ولا الناقل ولا نظن عدمها ولا قرينة تنفيها، فلا نجزم فيه بمراد المتكلم بل ربما ظنناه أو توهمناه، ولو نقل لفظه بعينه وقرائنه وتاريخه وأسبابه انتفى هذا المحظور أو أكثره) (١).
وبإزاء تلك الجهود التأليفية الكبيرة فإننا لا نجد في أكثر الكتب المتأخرة هذه الدرجة من العناية والاهتمام، وهذا ما يدعو الكثيرين إلى المناداة بهجرها والرجوع إلى ينابيع الفقه الأولى وما جرى مجراها مما يجمع بين عمق فقه الأوائل وفصاحتهم وحسن ترتيب المتأخرين واحترازهم، مع وجوب الالتفات إلى أمرين اثنين، أولهما موافقة أغراض المؤلفين في مصنفاتهم وعدم ابتغاء الغرض التعليمي فيما لم يؤلف لأجل التعليم، وثانيهما أن الفقه من شأنه التجدد في مسائله وظروفه، والوقوف عند نتاج عصر معين يقعد بالأفهام عن الأزمنة التي تعيشها، والرجوع إلى كتب