للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

(فكل قوم ينبغي لهم امتثال طريق سلفهم فيما سبق إليهم من الخير، وسلوك منهاجهم فيما احتملوا عليه من البر، وإن كان غيره مباحًا مرغوبًا فيه) (١)، وقال ولي الله الدهلوي (ت ١١٧٦ هـ): (إذا اختلفت مذاهب الصحابة والتابعين في مسألة فالمختار عند كل عالم مذهب أهل بلده وشيوخه؛ لأنه أعرف بصحيح أقاويلهم من القسيم وأوعى للأصول المناسبة لها، وقلبه أميل إلى فضلهم وتبحرهم) (٢).

وهذا ما مضى عليه الناس منذ الأزمنة الأولى حتى استقرت المذاهب الأربعة وبقيت وانقرض ما عداها. وللإمام الذهبي (ت ٧٤٨ هـ) كلام مطوَّل ذكر فيه طبقات المجتهدين المقلَّدين من التابعين فمن بعدهم قال في آخره: (ولم يبق اليوم إلا هذه المذاهب الأربعة، وقلَّ من ينهض بمعرفتها كما ينبغي فضلًا عن أن يكون مجتهدًا) (٣).

وهذه المذاهب الأربعة التي استقر عليها عمل المسلمين في بلدانهم منذ قرون متطاولة ليست إلا طرائق ومناهج في فهم الشريعة، وهي متصلة بفقهاء الصحابة والذين جاءوا من بعدهم ممن تختلف مناهجهم في الفقه والنظر، وكلهم معظم للشريعة وقَّاف عند حدود الله تعالى معظم لكتاب الله جل جلاله وسُنَّة نبيه صلى الله عليه وسلم، ولا يظن بأحد منهم أن يرد الحق وهو يعلم أنه حق، ولا أن يترك


(١) التمهيد (١/ ١٠).
(٢) حجة الله البالغة (١/ ٢٤٩).
(٣) سير أعلام النبلاء (٨/ ٩٢).

<<  <   >  >>