للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النحل: ٤٣]. والاجتهاد والتقليد كلاهما مبنيان على حسن المعاملة لله جل جلاله وأن يكون الإنسان صادقًا في تدينه وتعبده لله تعالى، والله جل جلاله يقول: ((يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين)). فإذا فعل الإنسان ما كلف به وغلب على ظنه موافقته للصواب وكان مطمئن القلب صادقًا في معاملته لله جل جلاله نجا، وقد قال الإمام تقي الدين السبكي (ت ٧٥٦ هـ): (ومبنى الاجتهاد والتقليد على انشراح الصدر) (١).

وقال نجم الدين الطوفي (ت ٧١٦ هـ): (فكل من حسن ظنه بمذهب تعبد به واتخذه دينًا) (٢).

وقال بدر الدين الحلبي (ت ١٣٦٢ هـ): (وغلبة الظن كافية في الخروج من عهدة التكاليف الفرعية الشرعية) (٣).

وقد جرى عمل المسلمين فيما يشبه الإجماع العملي على الأخذ بهذه المذاهب المستقرة في الأمصار والمتلقاة عن أئمة الهدى، وأن يجري الناس على ما يذهب إليه فقهاؤهم الثقات من أهل العلم والديانة، ولا يضرهم أن يختلف هؤلاء مع غيرهم، والفقهاء منذ القديم يؤكدون هذا المعنى، وقد روي عن عمر بن عبد العزيز (ت ١٠١ هـ): أنه كتب إلى الأمصار ليقضي كل قوم بما اجتمع عليه فقهاؤهم (٤)، وقال الحافظ ابن عبد البر (ت ٤٦٣ هـ):


(١) السيف المسلول على من سب الرسول صلى الله عليه وسلم (٣٨٧).
(٢) شرح مختصر الروضة (٣/ ٦٨٦).
(٣) التعليم والإرشاد (٤٧).
(٤) سنن الدرامي، باب اختلاف الفقهاء (٦٥٢).

<<  <   >  >>