للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

في كتب الإمام-يعني: أبا حنيفة-وأقاويله. فزبر الرجل وأخرجه ن مجلسه (١).

واختلاف مسالك أئمة الفقه والدين في الاجتهاد في الشريعة صادر عن علم عميق وسعة اطلاع ووراثة علمية لأئمة الفقه من الصحابة فمن بعدهم، وهذه السعة في العلم أورثتهم الأناة والتريث قبل أن تصدر عنهم الفتيا، وأخبارهم في ذلك مشهورة


(١) ذيل الجواهر المضية، الملا علي القاري، ملحق بالجواهر (٢/ ٤٦٠). ويجدر التنبيه هنا إلى أمر مهم وهو: أن ثمت إشكالًا في الدراسات الفقهية المعاصرة وفي المداخل الفقهية على وجه الخصوص في تصوير طبيعة الخلاف بين أهل الحديث وأهل الرأي، أو ما يسمى مدرسة أهل الحجاز ومدرسة أهل العراق، وهذا الإشكال أدى إلى شيء من التبسيط في فهم المدارس الفقهية الأولى وإدراك مآخذها وتصور علاقتها بالمذاهب الفقهية التي استقر عليها العمل بعدها، وترتبت على ذلك بعض الإطلاقات التي لا تخلو من مجازفة، وللدكتور حميدان الحميدان بحث في هذا الموضوع بعنوان: (المدارس الفقهية في عصر التابعين: أهل الحديث وأهل الرأي، قراءة نقدية في مراجع تاريخ الفقه الإسلامي الحديثة) نشر في مجلة جامعة الملك سعود للعلوم التربوية والدراسات الإسلامية عام (١٤١٢ هـ)، ثم ضمنه في الفصل الخامس من كتابه ((دراسات في التاريخ المبكر للتشريع والفقه الإسلامي))، كما تكلم عن هذا الموضوع د. عبد المجيد محمود في كتابه ((الاتجاهات الفقهية عند أصحاب الحديث في القرن الثالث الهجري))، وأشار إليه الشيخ مصطفى الزرقا في: المدخل الفقهي العام (١/ ١٩٣)، والموضوع بحاجة إلى مزيد من البحث والفحص والتحليل بغرض فهم طبيعة المدارس الفقهية الأولى ونشأتها من جهة، ولمعالجة بعض الممارسات العلمية والسلوكية التي تنشأ من سوء فهمها من جهة أخرى، حتى يكون المتفقه مطمئن القلب وهو يتلو قول الله تعالى: {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [الحشر: ١٠]، وحتى يتفهم معنى قول أبي يوسف (ت ١٨٢ هـ) لما دخل البصرة فاجتمع الفقهاء والمحدثون على بابه، فأشرف عليهم وقال: (أنا من الفريقين جميعًا ولا أقدم فرقة على فرقة). انظر: سير أعلام النبلاء، الذهبي (٨/ ٥٣٨).

<<  <   >  >>