للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أن الواقع له تأثيره على الفقه فإن للفقه تأثيره الكبير على الواقع، والفقيه مأمور ببيان الحق والنصيحة للأمة على كل حال، لكن أول خطوة في طريق الإصلاح أن نعلم أننا بحاجة حقيقية إليه، وأن نملك العزيمة على القيام بأعبائه، وأن نفقه حقيقة الإصلاحٍ المنشود وأن يصدر عن وعي حقيقي بالذات، وأن يكون إصلاحًا شاملًا بمفهومه الأصلي لا بمفهومه المستعار، حتى إذا خطونا في الإصلاح خطوة عرفناها وحمدناها ودفعتنا للمضي في السبيل ذاته.

وقد مر آنفًا في التقسيم المذكور أن من مظاهر التجديد ما هو تجديد فعلي لنا أن نستبشر بمثله، وإن كان لنا أن نختصر الحال في عبارة موجزة فلتكن في قول الشيخ عمر الأشقر (ت ١٤٣٣ هـ): (والمتأمل في هذا العصر يحزن أحيانًا للحال التي وصل إليها الفقه الإسلامي، ويسر أحيانًا لوجود أمور جيدة تبشر بنهضة الفقه، وعودة الحياة إليه) (١).

وتقرير مثل هذه المقدمة أمر له ضرورته بين يدي الحديث عن إصلاح الفقيه؛ لأن التشخيص أول خطوات العلاج، ووصفُ بعض الفساد الذي نعيشه باسم الإصلاح فيه غش وتضييع للأمانة، وهذا ما دفع الشيخ وهبة الزحيلي أن يصف هذه المرحلة بأنها: (مرحلة العبث بالفقه الإسلامي تحت مظلة التجديد والمعاصرة) (٢). فإن من الناس من ظن أن الإصلاح إنما يتأتى


(١) تاريخ الفقه الإسلامي (١٨٥).
(٢) تجديد الفقه الإسلامي، د. وهبة الزحيلي وزميله (٢٠٩).

<<  <   >  >>