وهذه المنازعة في اسم الإصلاح تُحتِّم علينا أن نرجع إلى تحقيق اسم الصلاح والإصلاح في القرآن الكريم، وأن نعتمده أصلًا تبنى عليه خطة الإصلاح الشاملة والمتكاملة، وأن نرفض أي مفهوم آخر لاسم الإصلاح؛ لأنه لن يكون إصلاحًا شاملًا، بل إنه مهما اشتمل عليه من حقائق الإصلاح فإنه يبقى إصلاحًا ناقصًا غير تام. فإن الصلاح كل الصلاح لا يكون إلا في اتباع أمر الله تعالى وشرعه، وهذا الصلاح صلاح حقيقي في الأنفس والحياة والسياسة والاقتصاد والاجتماع والثقافة والأخلاق والبر والبحر، وهذا المعنى من المعاني القطعية في كتاب الله، كما في قول الله جل جلاله:{وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}[الأعراف: ٩٦]، وقوله جل جلاله:{وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ}[المائدة: ٥٦، ٦٦]، وقوله جل جلاله:{ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}[الروم: ٤١]. وأما الذي يتنكب سبيل القرآن في بيان حقيقة الإصلاح ويضع لاسم الإصلاح شروطًا مدنية دنيوية لا تضع أمر الدين والآخرة في حسبانها فلا يمكن أن يوصف بالاسم المطلق