للإصلاح، وينبغي لفقهاء الشريعة أن يبينوا هذا الأمر ويوضحوه فإنه من محكمات الدين ولا يأخذهم عنه الحديث الملجلج.
إن من أعظم الفساد الذي دخل على حياة المسلمين في عصورهم الحديثة ما اجترحته يد المحتل الأوروبي من جريمة إقصاء الشريعة عن الحكم والإدارة في بلدان المسلمين وإحلال القوانين الوضعية مكانها، ومن حل المؤسسات القديمة وإبطال الأوقاف أو تجميدها، ومن فرض الأنظمة الأوروبية في السياسة والتعليم والقضاء والإدارة. لقد دمر المحتلون الغزاة البنية التحتية التي قامت عليها حضارة المسلمين ومعاشهم على نحو انتقلت فيه الحياة العامة من فوضى منظمة إلى تنظيم فوضوي لم يجن منه المسلمون إلا لمزيد من الفساد والظلم والأمية والتبعية، وأصبحت أرضهم الثرية منجمًا للمحتل ينهب خيراتها ثم يجعل منها سوقًا لمنتجاته، ويفرض عليها من قوانينه وأنظمته وعملائه ما يكبلها به عن الحركة ويعيقها عن النهوض، وإذا ما ارادت النهضة فإنه يلزمها بنموذجه في النهضة، وهو ذات النموذج الذي به تمكن من إعاقتها وأسرها، فليس من مصلحة المحتل ولا من أهدافه أن يدعم التنمية الاقتصادية والحياة الكريمة في البلاد التي احتلها، بل ذلك يتعارض تعارضًا مباشرًا مع أهدافه ومصالحه (١).
(١) انظر: الإسلام وأوضاعنا القانونية، د. عبد القادر عودة (١٣٤)، خرافة التقدم والتأخر، جلال أمين (٢٧)، الفقه الإسلامي بين النظرية والتطبيق، د. محمد سراج (٨)، الفقيه والأزمنة المعاصرة، معتز الخطيب، ضمن بحوث ندوة التقنين والتجديد في الفقه الإسلامي المعاصر (٩٠٢)، مفهوم الفقه الإسلامي، نظام الدين عبد الحميد (٩) ومضات فكر، الفاضل بن عاشور (١/ ١٥٠).