للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بعض البلدان العربية بـ (جرائم الشرف)، وهي جريمة أخرى نتجت من العبث بهوية الأمة وأخلاقها الراسخة (١).

وما هذا المثال إلا صورة مصغرة لما يؤول إليه الوضع العام عندما تهجر الشريعة التي لا يستقيم نظام الأمة إلا بها، ويستورد قانون نشأ وترعرع في بيئة مخالفة في الدين واللغة التاريخ والقيم.

إن شرائع الإسلام روح وحياة وأحكام ذات شعب متفاوتة، امتزجت بتصورات المسلمين ووجدانهم وأنظمة دولتهم وأشكال حضارتهم، ولا يمكن في بدائه العقول وطبائع الأشياء أن تنجح فيهم دعوة إصلاح لا تكون صادرة عن هذه الشرائع، وحتى تكون محاولات الإصلاح هذه إسلامية فعليها أن تحافظ على ثوابت الشريعة وتنطلق من قواعدها الأساسية ونظامها الشامل (٢).

ونحن في هذا الزمان بأشد الحاجة إلى حركة اجتهادية نشطة تواكب المد الحضاري الكبير الذي تنهال أشكاله على الأمة من كل اتجاه؛ لأن استعمال هذه الأشكال دون فحص عن روحها التي أنتجتها من أسباب طروء الخلل على روح الأمة المستورِدة.

وأما ظن بعض الناس أن الحضارة مادة مشتركة لا روح لها فهذا من الخلل الكبير، بل بين الحضارة وبين دين الأمة وثقافتها ارتباط وثيق، ويمكن التمثيل لهذا بفن العمارة في الحضارة


(١) انظر: الإسلامية نظام مجتمع ومنهج حياة، أنور الجندي (٦٩).
(٢) انظر: الاجتهاد الفقهي المعاصر بين جدلية المرجع والواقع، بشري الشقوري، مجلة الإحياء المغربية (٢٠: ٨٣).

<<  <   >  >>