للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

المواضع لا يعرف شرائط العقل وما يأباه، فهو أبدًا يخلطه بالعادات ويظن أن تأبِّي الطباع من شيء هو مخالفة العقل. وقد سمعت كثيرًا من الناس يتشككون بهذه الشكوك وحضرت خصوماتهم وجدالهم فلم يتعدوا ما ذكرته) (١).

والفقهاء في ممارساتهم الفقهية المختلفة يتدربون ويتفقهون على إدراك المصالح واعتبارها، وهذه المصالح التي يتطلبونها مصالح بينت الشريعة أصولها وسبل الاهتداء إليها، ولئن اختلفت القوانين الحديثة في المرجعية المعيارية التي تبني عليها القوانين فإن مبنى هذه الشريعة على محكمات الدين وأصوله، وهذا ما يعصم مسار الإصلاح بعمومه من المتاهات التي ضلت فيها عقول الذين لا يؤمنون بالدين ولا يحتكمون إلى شرع الله وأمره، فإن صحة التصورات ومتانة البناء الأخلاقي ورسوخه قاعدة تبتني عليها الأحكام والشرائع، وأهدى العقول هي العقول التي تتصالح مكوناتها الاعتقادية والأخلاقية والقانونية، وشريعة الإسلام أقوم الشرائع في هذا وأعدلها؛ لأنها شريعة الله الذي له الخلق والأمر، والذي فرض أمره ونهيه على مقتضى ما أجرى به خلقه من السنن، وجبل عليه الناس من الطبائع (٢).

إن طبيعة الفقه طبيعة إصلاحية، وهو لا يكتفي بالفعل


(١) الهوامل والشوامل (٣٥٤)، وانظر: الموافقات، الشاطبي (٣/ ٢٠٨).
(٢) انظر: استثمار النص الشرعي على مدى التاريخ الإسلامي، أبو الطيب مولود السريري (٢٣٥)، الخطاب الديني بين تحديث الدخلاء وتجديد العلماء، د. محمد نعيم ساعي (١٦٥).

<<  <   >  >>