للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

السلبي كحال القوانين التي تفصل بين الناس عندما يتنازعون ويتخاصمون، بل يمارس دوره الإيجابي الفعال في الإصلاح، وكذلك الدولة التي تقوم بالشريعة فإنها ليست ذات غاية سلبية بحيث تقتصر مهمتها على حماية الناس من العدوان وحفظ حرياتهم أو الدفاع عن الدولة نفسها، بل غاية الدولة في الإسلام إيجابية تدعو إلى الخير وتنهى عن الشر وتتمثل قول الله جل جلاله: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ} [الحج: ٤١] (١). وإطلاقات الفقهاء في أن من أغراض الخلافة أو الإمامة أو الدولة حراسة الدين (٢)، ليس مقصودهم منها الجانب السلبي للحراسة والمفهوم السلبي للدولة بقصر وظيفتها على الرعاية والتمكين، بمعنى حماية الحريات الفردية بمفهومها التقليدي وتمكين الأفراد من ممارستها وفق ما تمليه عليهم رغباتهم، فإن مفهوم الدولة ووظائفها في الإسلام يؤخذ من الشريعة ذاتها، ومن ذلك حراسة الدين بحفظه ونشره والدعوة إليه وإنفاذ شرائعه، واستخدام القوة في تحقيق هذه المقاصد العليا، وهذه جوانب إيجابية توضح رسالة الدولة وغايتها الإصلاحية في الإسلام، حيث تقيم المجتمع كله على أسس إسلامية في الحكم والإدارة والسياسة، وفي العلوم والفنون والآداب، وفي الاجتماع والاقتصاد (٣).


(١) انظر: نظرية الإسلام السياسية، المودودي (٤١).
(٢) انظر على سبيل المثال: الأحكام السلطانية، الماوردي (٣).
(٣) انظر: الإسلام وأوضاعنا القانونية، د. عبد القادر عودة (١٠٥)، خصائص التشريع الإسلامي في السياسة والحكم، د. فتحي الدريني (١٧٩)، نظرية الإسلام السياسية، المودودي (٤١).

<<  <   >  >>