للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

إن الإصلاح في الإسلام إصلاح شمولي، ولا يمكن الفصل في منهاج الشريعة بين إصلاح الإنسان وإصلاح الدين وإصلاح العلاقة مع الله جل جلاله، والرؤى التي تحاول الفصل هي رؤى متأثرة بمفاهيم أجنبية للإصلاح لا يتم بها الصلاح الحقيقي، ولذا فإننا نلحظ أن الإصلاح فيها يشتمل على نوع من الفساد يلازمه أو يقتضيه، وتظل فلسفات البشر تلاحق متوالية الفساد هذه في غفلة عن القانون الرباني الذي لا يجري الصلاح التام إلا به.

يشير إدغار موران في كتابه ((هل نسير إلى الهاوية)) إلى أن هناك صلة متينة لا تنفك عراها بين المسلسلات السالبة والمسلسلات الموجبة، فالتوحيد التقني والاقتصادي الذي أحدثه الغرب يؤدي على الصعيد العام إلى تشرذم وعنصرية، والليزر يقتل ويشفي، والتقنيات المتناهية في الصغر تبشر وتنفر، والتقدم العلمي أدى إلى إنتاج السلاح النووي وانتشار أسلحة القتل الجماعي، وعولمة السوق الاقتصادية صنعت جزرًا صغيرة للثراء والرخاء توازيها مناطق للبؤس تتكون في مدن الصفيح حول التجمعات السكنية في أنحاء المعمورة، بالإضافة إلى تفكك أشكال التكافل التقليدية وتفشي الفساد والجريمة والمخدرات، فتزوال أشكال من التعاسة البشرية لتخلفها أشكال أخرى، وتحدث أشكال جديدة من الاحتقار لتخلف أشكالًا قديمة منه (١).


(١) انظر: هل نسير إلى الهاوية (١٥٨ - ١٦٣).

<<  <   >  >>